د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** التقينا مرةً أو مرتين، ولم تزيدا على دقيقة أو دقيقتين؛ فلم يزر صاحبكم جازان، وما الظن أنه -قبل أزمته الصحية شفاه الله- كان من مدمني الرياض، ولا وسيط يجمع المثقفين سوى الأندية، وهي متباعدة، والمناسبات العامة، وما كلٌ مهتمًا بحضورها، والأديب يعلن عن نفسه بنفسه؛ أأصدر كتابًا أم نال ترقيةً أم شارك في مناسبة أم شكا من عزلة أو مرض أو تعثر حال.
** وبأمانة الصادق مع نفسه لا يمكن تحميلُ هذه «الجفوة- الفجوة» أيًا من المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية؛ فما من سبيلٍ في الواقع المُعاش لمتابعة كل مثقفٍ أو أديب إلا بالتواصل الشخصي، أو عبر صديقٍ مقربٍ إن عرف عن اثنين فسيجهل مئتين، والوسائط الرقميةُ قد تفي إذا أفصح كلٌ عما يُنجزُه أو يُعجزه.
** وقد عاش «الفيسبوكيون» مع الأستاذ الشاعر أحمد الحربي خلال مرضه بصورةٍ شفافة؛ فكان يوافي قراء صفحته بأحواله من ألفها إلى يائها بما فيها فترات الإبداع وفترات الامتناع، وحين كان معلمًا وبعدما صار رئيسًا، وأيام الضعف وأيام القوة، وأوقات الصحة وأوقات المرض وبدا فيها كلِها واعيًا راضيًا معبرًا معتبرًا، بل وثَّق من زاره في بيته ومشفاه، وكيف كان يستقبلهم: واقفًا أم قاعدًا أم نائمًا، وصرنا ندعو له جهارًا وإسرارًا، وثقتنا بالله وحده ثم بروح هذا الإنسان المضيء تفتح لنا مساحات التفاؤل.
** أما الملف؛ فما كان وليد اليوم بل الأمس، وليس نتاج الجهر بل الهمس وفق وعدٍ لم يتم، ولكلٍ أعذارُه، وإذ طال المدى أبدلنا الوُجهة فتمَّ لنا بعضُ حقه وأكثرُ استطاعتنا، وسيبقى هذا العلَمُ الهادئُ الهانئُ أنموذجًا على البذل والصبر؛ فاللهم امنحه رعايتك؛ لا قوة لنا إلا بك سبحانك.
** الحبُّ ليس إعلانا.