محمد عبد الرزاق القشعمي
من ثم نشرت كتابي عام 1416هـ (إيضاح حكم الزواج بنية الطلاق) مصوباً بعض الأخطاء ومصححاً بعض المفاهيم مستنداً في ذلك على ضوء الكتاب والسنة والإجماع وأقوال العلماء، وما أفتى به مجتهدو هذه الأمة قديماً وحديثاً، ولكن قرأت مع غيري التحليل الذي نشرته جريدة الجزيرة يوم الجمعة 11/2/1419هـ تحليلاً لكتابي المشار إليه آنفاً وجعلوه تحت عنوان:
(الضبيعي معقباً على رأي المنصور بتحريم وبطلان هذا الزواج، الزواج بنية الطلاق نكاح شرعي، اتفق على جوازه فقهاء الأمة)، وذلك دون علمي، كما نشر الشيخ صالح المنصور في يوم الجمعة 18/2/1419هـ تحليلاً للكتاب له جديد بعنوان (الجواب الواضح على شبهات من أجاز الزواج بنية الطلاق)، قصد به الرد على كتابي، ولكنه -هداه الله- سلك في كتابه هذا مسلكاً مجافياً للنقاش العلمي، والنقد البناء، إلى أسلوب لا نرضاه من مثله وحشد في كتابه من المغالطات والتكرار والإعادة والأخطاء المطبعية والإملائية وحتى في نقل النصوص وفيه تجريح بي شخصياً وفيه نقد لفتاوى علماء الاجتهاد مثل سماحة الشيخ ابن تيمية.. وقال: وإذا كنت يا شيخ صالح لا تعلم فغيرك يعلم ونعذرك بالجهل واقرأ معي هذا الجواب الذي يزودك بحقائق تجهلها ويذكرك بمعلومات غفلت عنها، وأظنه يخفاك أن الزواج بنية الطلاق سنة أقرها النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه، مع علمه أن بعض الصحابة يتزوجون بنية الطلاق، ولم ينكر عليهم، ولو كان غير مشروع لما سكت عن بيان الحكم وقت الحاجة».
وذكر كثيراً من الأدلة والاستشهادات، فذكر المغيرة بن شعبة -رضي الله- عنه الذي قال عنه شمس الدين الذهبي: «لقد تزوجت سبعين امرأة أو أكثر، وكان يوماً تحته أربع نساء فصفهن بين يديه وقال: أنتن حسنات الأخلاق، فأنتن الطلاق» وكان ينكح أربعاً جميعاً ويطلقهن جميعاً.
وكان الحسن بن علي -رضي الله عنهما- يتزوج بنية الطلاق، وكان مزواجاً مطلاقاً، وكان يمسك في عصمته أربعاً ثم يطلق ليتزوج بدالها بنية الطلاق، بدليل ما نقله الثقات من المؤرخين وذكر منهم الذهبي وابن حجر.. حتى أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: يا أهل الكوفة لا تزوجوا الحسن، فإنه مطلاق، فقال رجل والله لنزوجنه فما رضي أمسك، وما كره طلق.
وقال: وأئمة المذاهب الأربعة متفقون على ما ذهب إليه الصحابة والتابعون في حكم الزواج بنية الطلاق، وقد نقلت في كتابي (إيضاح حكم الزواج بنية الطلاق) أقوالهم وحججهم وتعليلاتهم، وكذلك علماء الاجتهاد أفتوا بصحة الزواج بنية الطلاق ومن أبرزهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وفي هذا العصر سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن باز -وفقه الله- فهل تجوز مخالفة صفوة الأمة..».
وقال الشيخ العبودي بعد أن أفرد له 11 صفحة من كتابه (معجم أسر بريدة): «وما زال الشيخ إبراهيم الضبيعي يفيد الطلاب وطلبة العلم ويرشدهم إلى مواضع البحث حتى مرض وتوفي في منتصف شهر ربيع الثاني عام 1422هـ. [ولعله يقصد ربيع الأول] إذ قال مسترسلاً: وقد نشرت جريدة الرياض في عددها الصادر يوم الجمعة 5/4/1422هـ، 1 يوليو 2001م نعياً للشيخ إبراهيم بن محمد الضبيعي بقلم الدكتور محمد السويد» ومن قوله نختار: «.. أقول كنت أرى على كل إصدار التجديد في العرض والبعد عن التقليد في الطرح، كنت ألمح شيئاً مهماً قلَّ أن نجده في هذا العصر وهو العرض المبني على إعمال العقل، لا مجرد النقل والتجميع وهو طابع حركة التأليف المعاصر، فقد كان -رحمه الله- صاحب رؤية وفي كتبه العديدة فكر جيد لا يختلف مع سابقه، وإنما يضيف إليه ويدعمه، وهذا ما تميز به الراحل في نشره لكتبه ومقالاته..».
وكنت قد قرأت كتابه (إيضاح حكم الزواج بنية الطلاق.. دراسة نقدية موثقة) واخترت بعض المقاطع والاستشهادات للاستدلال بها.. ولكني بعد أن قرأت ما كتبه الشيخ محمد العبودي عنه اكتفيت به خشية التكرار. فعلى من يرغب بالمزيد البحث عن مؤلفاته. وأذكر ضمن حديثه المسجل أنه قد طبق (الزواج بنية الطلاق) على نفسه أكثر من مرة في سفراته المتعددة خارج المملكة، وذكر منها إندونيسيا ومصر.