بعيداً عن المناصب والألقاب، وإن تقلدها، أو استحقها، يقف المثقف العربي الواعي والشاعر المتحقق والروائي الفذ أحمد الحربي. يقف برغم الداء والأنواء بقلب نابض بالحياة، وروح وثابة بالأمل، ليس كما يقول القائل: «ثاوٍ على صخر أصم وليت لي قلب كهذي الصخرة الصماء»، وإنما كما يقول الحربي، وهو أحد فرسان الكلمة في المملكة السعودية، بل في العالم العربي كله:
«ما زالت يرقة..... وغدا
تخرج من شرنقة الوادي
تغتسل الدنيا في عينيها
تصبح فيها عين الشمس
و...... ترحل»
يتلفح الحربي بعباءة الفصحى فتتزين الفصحى برصانة كلماته، ودقة معانيه، وسمو أسلوبه، وشفافية تعبيره عن أحاسيسه ومشاعره حيث يقول:
«حملت دمعتها الحرّى
كلفح اللهب
عندما عانقها الحال
لهذا التعب
وغدت ترنو إليه
من خلال النقب
فرأت من حولها
في منظر مضطرب
وتبدى للرؤى
منظر المرتقب
عرفت فيه الندى
إنه وجه... أبي»
فالشعر عنده (مداد العمر) بعد (رحله الأمس) حيث يتواصل (الصوت والصدى)، ويقول معترفاً على نفسه أنا (أرقب الشادي) من خلالي (وقفات على عقارب الزوال)، و(تقاسيم على جذع نخلة)، فيقول (ما لم يقله الشعر)، ويقر بأن (الخروج من بوابة الفل) (شتات مع الريح).
يحيا الحربي بين أساتذته وأصدقائه وتلاميذه، يبث الأمل، ويرتقي بالإبداع (شعراً وروايةً ونقداً)؛
فهو الروائي الذي يمتلك ناصية الكلمة وتلابيب الفكرة، ويعرف كيف يصوغ حبكتها (سرداً ودراما).
وهو الناقد الواعي، يحكم على الإبداع، ما له وما عليه، بميزان الذهب، ويميز الطيب منهم والخبيث بحرفة الماهر في صنعته، وهو شاهد على عصره، ومؤرخ له (أحداثاً وإبداعاً)...
** **
- سمير عبد المطلب