قالت العرب قديماً: ما يوم حليمة بسر! إذ نشأت الذهنية العربية في تلقيها للحوادث، واستقراء كنهها، والوعي بدوافعها، والتعرّف على حقائق ما تخفيه إضماراتها من مقاصد، على الكثير من وسائل الفهم والإدراك، فكان من نتاج ذلك الوعي ونتائجه، أداة المثل، وأسلوب الحكمة، وإسناد الرواية، وغيرها من فنون التعبير الأدبية (الناقدة)، إذ يضرب هذا المثل الذي ارتبط بقصة حقيقية، لمن توهم إخفاء أمر، ظاهر ومعروف لعامة الناس قبل خاصته!
ومنذ يوم حليمة ومتشابهاته، إلى يومنا هذا، إلى ما يشاء الله، ستظل قصص الخلاصيين حلميات متشبثة بكل حيل التخفي خلف أقنعة «الحبك» الواهية، مهما بدا المسلك متناقضاً، والأسلوب مبتذلاً أمام وعي الجماهير، الذي لا يمكن أن تصبح معه ثقافة «الخلاصية»، أكثر من محاولة يائسة لتغطية علة نفسية، أو أخرى فجة للتعمية على أزمة انفعالية أياً كان مصدرها الأديولوجي، تحاول أن تخفي الخلاص من الحياة، بأقصى ما يمكن أن تتسوّله من وهم، وتتوسله من نسج العنكبوت، الذي يمتد في ناظريها بطولة ملحمية ممتدة بامتداد السراب، كلما عبثت الرياح بالناسج والمنسوج!
لهذا وذاك.. كان من الطبيعي أن تجد عناكب (الواقع)، ما يكفي من عنكبوتيات (افتراضية) متلقفة لكل هش تقتاته، وهشاشة تنسج منها «عُزَبُ» المناضلين الجدد، الذين يرون في بسْطاتهم الإلكترونية، ومن خلال جحورهم الواقعية والافتراضية، ما سيغير وجه العالم.. بوهمهم! وما سيخلدهم ولو على مشانق أساطير العنتريات.. بسذاجتهم! وما سيحيلهم إلى منحوتات مهجرية.. بدوغمائيتهم المركبة!
* حفيدة حليمة لا تعي أن لعبتها بالخلاصية.. تسليها! أما عنتريات العنكبة.. فما يومها بسر: القناع هش.. والحبكة فارغة!
** **
- محمد المرزوقي