سهوب بغدادي
استبشر الطلاب وأهاليهم بقرار وزارة التعليم الذي يقتضي نقل جميع طلاب وطالبات التعليم العام للصفوف الدراسية التي تلي صفوفهم الحالية ضمن إطار الجهود الحثيثة التي قامت بها الدولة للحد من انتشار فيروس «كورونا» المستجد، وهو قرار حكيم وكريم في آن واحد نظرًا للضغوطات التي يواجهها الطالب وأهل الطالب على حد سواء.
فالعديد من الطلاب واجهوا صعوبة في عملية التعليم عن بُعد لأكثر من سبب: إما لضعف الاتصال بالإنترنت، أو لثقل المهام الموكلة إليهم وتعددها؛ فالأمر جديد بالنسبة للطالب والمعلم على حد سواء. في حين اتسمت فترة التعليم عن بعد بالصعوبة بالنسبة لأهالي الطلاب - ولي تجربة مع ابنتي في الصف الثالث الابتدائي - لعدم اقتناع الطالب بفكرة التعليم عن بُعد، فضلاً عن عدم اعتياد الطالب على أجواء الدراسة بهذا النهج.
فقدرات كل طالب وأسلوب تعليمه ونمطه يختلف عن الآخر؛ وهو ما يستدعي اهتمام وتوقُّف المعلم عند احتياج كل طالب على حدة.
أعلم أن المعلم يواجه صعوبات كثيرة خلال الفترة الراهنة؛ فالعمل عن بُعد قد يمتد إلى ما بعد ساعات الدوام لتحميل أوراق العمل، وتصحيح ورصد الدرجات على «البلاك بورد»، ورصد الحضور والغياب من خلال البوابة؛ ويتطلب ذلك وجود عضو هيئة التدريس قبل المحاضرة بوقت كافٍ، وبعد المحاضرة بربع ساعة على الأقل، وفق أحد أعضاء هيئة التدريس.
من هنا برزت على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبات عديدة من طلاب التعليم العالي بإلغاء الاختبارات لجميع الاعتبارات والفروقات والعقبات الآنف ذكرها، علاوة عن اختلاف آليات التقييم من مؤسسة تعليمية إلى أخرى. لا أعلم إن كان أداء الطالب ودرجاته مهمان خلال هذا الفصل اليتيم والاستثنائي بالقدر الذي يدفع الجامعات إلى ابتكار أساليب «هيروغليفية» لضمان تحصيل الطلاب أعلى قدر من الدرجات البالغة 20 درجة لا غير. فهل تستحق كل هذا العناء والتوتر؟
وفي السياق ذاته لفتتني تغريدة لسعادة الدكتور عمر بن عبدالله الهزازي، الذي كافأ طلبته بإعطائهم الدرجة الكاملة في الاختبار إزاء جهودهم غير المنقطعة خلال الفصل الدراسي قبيل الأزمة الصحية. إن دل ذلك فيدل على بُعد نظر سعادة الدكتور عمر الذي ضرب أسمى معاني الإنسانية بتأصيل مبدأ الفهم والمعرفة، لا الحفظ والسرد.
من هذا المَوطن يجدر بجميع أعضاء هيئة التدريس أن ييسروا ولا يعسروا على أبنائهم وبناتهم في الجامعات؛ فهذا الوقت ليس مناسبًا للمنافسة والسعي وراء التصنيفات الجامعية باختلاف معاييرها.
(لا يوجد قانون أو مرسوم أقوى من الفهم) أفلاطون