عمرو أبوالعطا
إنَّ مهنة الطب من أنبل المهن وأشرفها، هذه المهنة الإنسانية التي يعمل بها من يحملون الرحمة في قلوبهم، ويتجوَّلون كالملائكة بردائهم الأبيض، مخففين عن المرضى آلامهم وأحزانهم وأمراضهم، وزارعين للبسمة على وجوههم، وساهرين على راحتهم، فلا تغفى أعين الأطباء قبل الاطمئنان على أولئك المرضى والتأكد من سلامتهم، لذا هم يعتبرون نصف شفاء الإنسان بلطف أرواحهم التي تكون كالبلسم، وإنسانيّتهم العظيمة، ورقة قلوبهم. عُرفت مهنة الطب منذ القدم، حيث كان الإنسان في البداية يداوي نفسه بشتى الأدوات التي كانت تعينه حينها، ثمّ أصبح هناك أناس متخصصون بهذه المهنة يسعون لمحاولة شفاء كل مريض، مع استخدام الأجهزة الحديثة التي تعينهم على ذلك، وإعطاء المرضى الدواء المناسب لحالاتهم، فمن دون هذه المهنة لكانت الحياة جحيماً ولما استطاع الناس أن يتابعوا حياتهم بشكل طبيعي، ولانتشرت الأمراض والأوبئة بين فئات المجتمعات، فالطبُّ في تطوُّر دائم لحماية الإنسان من كلِّ ما يمكن أن يضرَّ صحته، وإدخال السرور على قلبه حين يُشفى المرضى من أمراض كانت قد تهدد حياتهم.
«الجيش الأبيض» أبطالنا من الأطباء والممرضين والكوادر والهيئات الإدارية العاملين في المجال الصحي الذين يقفون في خط دفاعنا الأول لمواجهة كورونا وحمايتنا منها، سلاحهم الإيمان بكفاءتهم العالية وثقتهم بما تسخره الدولة من مقومات لرفع الجاهزية الكاملة، ويشكلون بخبرتهم وعلمهم حائط الصد الأول لمنع انتشار الفيروس.
على مواقع التواصل ستشاهد كثيراً صورًا لهؤلاء الأبطال رجالاً ونساء وهم يحتفلون بخروج بعض الحالات من مستشفيات العزل بعد تمام شفائهم وتعافيهم من هذا الفيروس وسترى على وجوه هؤلاء الأبطال سعادة وفرحة وكأنها لحظة انتصار عظيمة قد حققوها في هذه الحرب العصيبة ضد هذه الجائحة التي قلبت موازين الحياة في شتي بقاع الأرض، ستسمع يوميًا عن أطباء وممرضات تركوا بيوتهم وتطوعوا للمساعدة في درء تلك الكارثة، ستسمع قصصاً إنسانية عظيمة وجهدًا خارقًا يبذل لإنقاذ أرواح الناس, يعملون لساعات طويلة ولا يذوقون طعم الراحة، فمن الجهد تراهم يخطفون دقائق قليلة للنوم في مكانهم، وقد أوقع الفيروس متوفين ومصابين من الكوادر الطبية والأطقم الصحية العاملة في مواجهة الوباء في مختلف دول العالم، لكونهم في الصفوف الأمامية لمحاربته، وهم أكثر عرضة للعدوى، ولكن ما زالوا يعملون بجهد وإيمان لا يخشون الموت، مؤمنين بإنسانية وظيفتهم.
ملحمة تاريخية يسطر صفحاتها جنود الجيش الأبيض، خط الدفاع الأول عن شعوب العالم في الحرب التي تخوضها البشرية ضد فيروس «كورونا»، الفرق الطبية من أطباء وممرضين حملوا على عاتقهم مسئولية مكافحة عدو خفي يهدد صحة وسلامة الشعوب في جميع أنحاء العالم، يخاطرون بحياتهم من أجل حماية أوطانهم، وتخفيف الآلام وعلاج المصابين، لم يخشوا المرض ولم يبالوا بالمعاناة الشديدة والتضحيات الجسام من أجل العبور بسلام من هذا الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص، وأصاب قرابة المليون شخص آخرين حول العالم حتى الآن.
الأطباء وضعوا الإنسانية قبل المادة والواجب قبل الحقوق، وحملوا على عاتقهم مسؤولية هذه المهنة البيضاء، كبياض سريرتهم وحسن نيتهم وطيبة حلمهم، ولم يتخلف أحد منهم لعلاج المرضى ورعايتهم.
ودعت حكومات العالم شعوبها للثناء على الطواقم الطبية تكريماً لجهودها بطرق مختلفة، تأتي تلك المبادرات الداعية لتكريم الطواقم الطبية لما تبذله من جهود كبيرة لعلاج المرضى ومكافحة الوباء، ولعل كل تلك التضحيات التي نسمع عنها هي ما دفعت مدنًا عدة حول العالم إلى توجيه تحية إلى هذا «الجيش الأبيض» القابع في الصفوف الأمامية بمواجهة كوفيد- 19، معلقاً آماله على ساعديه وعلمه وطولة صبره، من أجل الانتصار، فمن أوروبا إلى دول عربية، انتقلت التحية كل مساء لهؤلاء الأشخاص بردائهم الأبيض، وكماماتهم التي تركت ندوبها على وجوههم، كعربون تقدير لجهودهم المضنية هذه.