د. أحمد الفراج
قبل أيام، انتشر مقطع فيديو لسيدة أمريكية تقف بسيارتها في منتصف الشارع، وتطلب من ممرضة آسيوية أن تغادر من حيث جاءت، وكانت تصرخ بأعلى صوتها: «ارحلي إلى الصين»، والطريف في الأمر هو أن هذه السيدة كانت تحمل في يدها العلم الأمريكي، مكتوبًا عليه: «أمريكا الحرّة»، وهو شعار يتنافى مع العمل العنصري الذي قامت به، لكن لو كان عقلها يعمل بكفاءة كافية، لما أصبحت عنصرية أصلاً، ولما وجهت عنصريتها لعاملة في المجال الطبي، وهو المجال الذي تحتاجه أمريكا خلال هذه الأزمة أكثر من أي وقت مضى، والحوادث العنصرية زادت وتيرتها بعد انتخاب أول رئيس أسود، باراك أوباما، ثم تفاقمت بعد فوز الرئيس ترمب، وكان حاكم ولاية نيويورك، اندرو كومو، قد حذَّر من أن ينجرف الأمريكيون في وحل العنصرية ضد الصينيين، بعد أن تم توجيه اتهامات إلى الصين بأنها قد تكون مسؤولة عن انتشار فيروس كورونا.
والحديث عن العنصرية في المجتمع الأمريكي يجرّنا إلى ما لا يخطر على بال، فقبل سنوات، تحدث الرئيس أوباما بمرارة إلى مجلة بيبل الشهيرة، عن العنصرية التي تضرب أطنابها عميقاً في المجتمع الأمريكي، وقال إن أحد الحضور البيض، في إحدى الحفلات الرسمية، ظن أنه خادم، فطلب منه أن يصنع له كوباً من القهوة، وقد بلعها الرئيس الرزين، رغم قسوة الألم التي مرَّ به من هول المشهد، وأضاف أوباما قائلاً: «لا يوجد مواطن أمريكي أسود لم يمر بمثل هذه التجربة، مهما علا شأنه، فكثيرًا ما يكون المواطن الأسود ضحية لمثل هذه المواقف، مثل أن يرفض سائقو سيارات الأجرة البيض الوقوف له، أو أن يعطيه أحدهم مفتاح سيارته ليحضرها له من بهو الفندق، معتقداً أنه أحد خدم الفندق»، كما سبق أن قالت سيدة أمريكا السابقة، ميشيل أوباما، إنها كانت في زيارة تسوّق في مركز تجاري معروف، في عام 2014، وحينها طلب منها أحد المتسوِّقين البيض أن تحضر له كرتوناً من الرف، معتقدًا أنها أحد العاملين بالمركز، ثم تضيف السيدة الأولى بمرارة: «كيف يحدث هذا لسيدة الولايات المتحدة الأمريكية الأولى، والتي تسكن في البيت الأبيض منذ ست سنوات؟!»، والخلاصة هي أن الأمم ترتقي، لكن تظل شرائح منها على سيرتها الأولى!