عبدالكريم الحمد
لا ينكر أحد منا أن مواقع التواصل الاجتماعي قفزت بالعالم اجتماعيًّا إلى مستويات عالية، سواء على صعيد سرعة الخبر، أو الشفافية، أو حتى على الصعيد المالي. وانعكس ذلك التأثير أيضًا على الواقع الرياضي والرياضيين، سواء على صعيد المؤسسات الرياضية، أو الإعلامية، أو على الرياضيين أنفسهم، سواء بالسلب أو الإيجاب. فبحسب دراسات أمريكية في الشأن ذاته كشفت عن أن التكنولوجيا الحديثة سمحت لبعض الرياضيين بالتطور والازدهار، بينما دمرت حياة الآخرين رياضيًّا.
لذا نتفق الآن على أن استخدام اللاعبين مواقع التواصل الاجتماعي، والتعمق في التعاطي معها، يعتبر سلاحًا ذا حدين؛ قد يحسن البعض استخدامه ويجيره إلى صالحه اجتماعيًّا، أو قد يفقد السيطرة، ويتسبب في مشاكل كثيرة وعواقب وخيمة إذا تم استخدامه بشكل خاطئ. والانعكاس الأشد خطورة هو تنمُّر المتابعين للرياضي عبر حسابه الشخصي، والكيل له بالنقد اللاذع مما يؤثر في معنوياته وتركيزه، سواء داخل الملعب أو خارجه، كحال مهاجم نادي النصر المغربي (عبدالرزاق حمدالله) الذي أغلق حسابه الشخصي في تويتر أكثر من مرة بسبب الهجوم عليه، وآخرها بعد مشكلته الأخيرة مع مدرب الفريق (فيتوريا)، وتغيُّبه عن مباراة الفيصلي.
بلا شك إن الجميع في عصرنا الحاضر متعلق بشدة بوسائل التواصل الاجتماعي؛ كونها لغة العصر التكنولوجي الحالي، لكن استخدامها يختلف من لاعب لآخر، ومن شخصية لأخرى؛ فبعض اللاعبين يستخدمها في إطار ضيّق، ويجمع من خلالها أصدقاءه المقربين وعائلته، والبعض يفضل الانتشار على نطاق أوسع، لكن الواقع يقول من خلال تجارب مضت إن لها مردودًا إيجابيًّا، وآخر سلبيًّا، مثلها مثل أي وسيلة إعلامية؛ لذلك ينبغي التعامل معها بحذر بالغ، خاصة من جانب اللاعبين، سواء كان مقلاً أو مسترسلاً؛ إذ لم تخلُ الساحة الكروية السعودية في الفترة الماضية من حالات استثنائية سلبية، وقع بها بعض اللاعبين من جراء استخدامهم السلبي للسوشال ميديا؛ وهو ما تسبب في حرج بالغ، سواء له شخصيًّا، أو لناديه، أو حتى لجماهير ناديه في لحظة غضب، أو عدم تركيز وتقدير للعواقب، مثلما حدث مع لاعب الهلال (سلمان الفرج) في فترة ماضية حينما تبادل الردود مع أحد متابعيه عبر الانستغرام، وكذلك محترف نادي الشباب (جمال بلعمري) بعد أن وجّه رسائل غامضة لناديه.
فالنموذج الرياضي الأنجح والأسلم هو تطويع اللاعبين حساباتهم الشخصية، واستغلالها بنشر الأخبار الصحيحة الخاصة بهم، ونفي كل ما يتعلق بالشائعات حولهم بشكل إيجابي، واعتبارها وسيلة قياس عبر معرفة آراء الجمهور وأوجه القصور، ومحاولة العمل عليها. أما الانجراف خلف نقاشات جدلية مع المتابعين، أو التعبير بسخرية، وتوجيه رسائل لاذعة وتصريحات غير مسؤولة لأي طرف كان، فهو ضرر قد يحمل نتائج لا تُحمد عقباها.
قبل الختام
خطوة إدارية مميزة في الهلال بعد قرار تقنين استخدام لاعبي الفريق حساباتهم الشخصية، واشتراط التنسيق مع المركز الإعلامي بالنادي. تصرُّف مسؤول في زمن يملؤه الفضول.