إذا كان تعريف الصديق يشمل من يحثك على أن تسلك الطريق الصحيح وتستغل إمكاناتك وتعمل لمستقبلك ويبين لك مكامن الخطر عليك والأخطاء التي ترتكبها، فإذاً لا بد من أن نعتبر فيروس كورونا الجديد هو صديق.
لقد بين لنا «كورونا» ضرورة البدء في إنهاء الاعتماد على مواطني الدول الأخرى لتقديم لنا ما نحتاج.
أكثر من 11 مليون أجنبي يقومون على خدمة 20 مليون سعودي، وإذا خصمنا من هذا العدد من هم في سن الدراسة أو أقل، فسوف نجد أن مواطني البلدان الأخرى لدينا يفوق عددهم عدد المواطنين الذين في سن العمل.
لقد اتضح أن الأنظمة والنهج الذي كنا نسير عليه لا يمكن أن يستمر، وهو ما استشرفه ولي العهد حفظه الله عندما وضع رؤية المملكة 2030 والتي كان إحدى ركائزها هو الاعتماد على النفس وعدم الاستمرار على جعل البترول هو المصدر الرئيس للدخل.
إنه من فضل الله علينا أن وهبنا قيادة تعمل للمستقبل مثل ما تعمل لليوم، ومن الواجب على كل مسؤول في جهة حكومية أو خاصة أن يبدأ بإعادة النظر فيما لديه من أنظمة وأساليب عمل ويغير ما لا يتوافق منها مع احتياجات المستقبل.
السعوديون لا يشكلون إلا حوالي 10 % من موظفي القطاع الخاص، كما لا يشكل السعوديون من الأطباء والمختصين الصحيين إلا 25 % ، ومن المهندسين إلا 20 % ، ومن الصيادلة إلا 15 % ، وكذلك الحال في المهن الأخرى من محاسبين ومعلمين وتقنيين وغيرهم.
لا بد أن تغير الجامعات والمعاهد من خططها لكي تضاعف القبول في التخصصات العلمية والمهنية وفتح باب القبول بها لكل من أراد ذلك.
لا بد أن تركز وزارة التجارة على دعم استخدام التقنية في الصناعة وتحويلها إلى قطاع يعتمد على المكائن والمواطنين الذين يديرونها.
لا بد أن تعمل وزارة الشؤون البلدية والقروية على توجيه الأمانات إلى التحول إلى المكائن لتنظيف الشوارع وتوظيف السعوديين لقيادتها - حيث يتوفر الآن مكائن لا تحتاج إلى تدخل العمالة - ووضع خطة زمنية لا تتجاوز سنتين أو ثلاث لإلغاء العمالة الأجنبية كلياً، كما أن باستطاعة الوزارة أن تبدأ في توجيه محطات البنزين بوضع حارة واحدة فقط لمن يريد خدمة البنزين وهو بسيارته وذلك مقابل رسم، وترك الحارات الأخرى في المحطة للخدمة الذاتية، مما سيقلص الحاجة إلى العمالة الأجنبية كلياً وفسح المجال للمواطنين للعمل بهذه المحطات.
لا بد أن تسرع وزارة الإسكان من برنامج تقنية البناء والذي باستطاعته تحويل بناء المساكن إلى صناعة تعتمد على المكائن وقليل من الموظفين، حيث سيجعل هذا المصانع قادرة على توظيف سعوديين لتشغيل المكائن وإدارة العمل.
الأمثلة على ما نستطيع عمله كثيرة ولا مجال لذكرها جميعاً، لكن ما هو أكيد أن فيروس كورونا قد أثبت لنا أن اعتمادنا على غيرنا في حياتنا ومستقبلنا، لا بد أن يتوقف، كما أن تغيير أسلوبنا في الحياة والتوجه لخدمة أنفسنا بدلاً من الاعتماد على الآخرين لخدمتنا، هو ما يلزم علينا عمله كمواطنين.
حفظ الله هذا البلد وأهله وحفظ لنا قيادتنا التي هي مصدر قوتنا وعزنا.