لم أتعجب، ولم أستغرب عندما سمعت خبر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بالتكفل بصرف علاج مرض كورونا للمواطنين والمقيمين ومخالفي الإقامة مجانا؛ لأن هذا من شيمه، ومَلَكة من مَلَكاته الخيرة الكثيرة، فبلادنا إذا كان خيرها ممتدا لكل محتاج على وجه البسيطة، فكيف بمن هم على أرضها؟! وهذا هو التعريف الحقيقي للرعاية، وهذا هو الترجمة التامة للمسؤولية، فليست الرعاية -في هذه البلاد المباركة- قاصرة ولا مقصورة على وقت الرخاء، وإنما هي شاملة لكل حال وتعظم وقت الشدة، فحين تخلت بعض البلاد عن مواطنيها، وتركتهم والفيروس، نادى منادي الرحمة في هذه البلاد: هلموا إلى الخير هلموا: محسنكم ومسيئكم، فاليوم يوم المرحمة.
يقول تعالى: {فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَة (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَة (12) فَكُّ رَقَبَة (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَة (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَة (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَة (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَة (17)} [سورة البلد:11-17].
وولاة أمرنا آمنوا، وتواصوا بالصبر، وتواصوا بالمرحمة، وهاهم اليوم يعملون ما يرجى به تجاوز العقبة، والمنقطعون عن أهاليهم بسبب هذا الوباء من المقيمين على أرضنا، لو تركوا دون هذا الأمر المبارك لكانوا من ذوي المتربة، ولكن هيهات هيهات أن يكونوا كذلك -بإذن الله- وهم في كنف ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -أيدهما الله-.
وأما مخالفو الإقامة، فلم يمنع خادمَ الحرمين الشريفين تصرفهم الخاطئ أن يشملهم أمره الكريم، حفاظا على نفوسهم، وعملا بقوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُون} [سورة المؤمنون:96].
والإحسان يدفع السوء -بإذن الله-، فهؤلاء أعداء هذه البلاد من المليشيات الحوثية المدعومة من إيران الحاقدة، يرسلون صاروخين على المملكة للإضرار بالمدنيين من المواطنين والمقيمين، ولم يراعوا في ذلك ما يمر به العالم أجمع؛ لما تحمله قلوبهم من البغض، لا للمسلمين فحسب بل للإنسانية جمعاء، فأبطل الله تعالى كيدهم، فكان عاقبة أمرهم خسرا، وحمى الله هذه البلاد ومن عليها {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا} [سورة غافر:51]، {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُون} [سورة الصافات:173].
ومادامت هذه النفوس الكريمة هي التي تحكم بلادنا، فليبشر مواطنوها والمقيمون عليها بالخير والنصر والبركة -بإذن الله-.
حفظ الله بلادنا وولاة أمرنا، وجزاهم عن الإسلام والمسلمين وعن كل ذي كبد رطبة خير الجزاء.
** **
- نائب وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد