بعيداً عن أحاديث الناس في هذه الأيام عن مرض كورونا، عافانا الله وإياكم وجميع المسلمين منه، وطهر بلادنا وبلاد المسلمين منه آمين. سنتحدث عن قصة ربما أنها تكون ظريفة في نظر البعض، لكن الحقيقة أنها ذات مغزى، وفائدة، لعلكم تستمتعوا وتستفيدوا من مجريات هذه القصة التي بطلاها (ريليزا - أبو هيثم).
وأبو هيثم هذا سافر من الرياض إلى مانيلا عاصمة الفلبين، للسياحة وحينما وصل إلى هناك استقر بالعاصمة خمسة أيام، وبعدها فكَّر بالخروج من العاصمة إلى أحد الجزر الهادئة حيث العاصمة يكثر بها الزحام والضجيج فسأل بعض المكاتب السياحية التي رشحت له زيارة جزيرة بوركاي، لما فيها من هدوء وجمال طبيعة وأماكن سياحية، حيث تعتبر من أشهر الجزر بالفلبين، لما تتمتع به من مناظر طبيعية، تسحر عين الناظر وما تتميز به من ازدهار، وأناقة في التخطيط، وعناية سكانها بها وحفاظهم عليها من التخريب.. شواطئ الجزيرة رملية، وتوجد فيها العديد من المنتجعات السياحية الشهيرة عالمياً.
بعد هذه المعلومات الأولية عن هذه الجزيرة، سأل عنها أيضاً وقرأ ومن ثم قرر السفر إلى هذه الجزيرة وفي مخيلته أنه سيجد كل ما ذُكِر عنها، ذهب إلى المكتب السياحي وطلب منه الحجز له في الطائرة، وفندق داخل الجزيرة ذو المستوى خمس نجوم، بالعرف الفندقي، ولمدة خمسة أيام، وتوكل أبو هيثم على الله وسافر إلى الجزيرة بالطائرة التي استغرقت رحلتها قرابة الساعة، وبعد وصوله إلى هناك استقل سيارة أجرة للذهاب به إلى الفندق، وما أن وصل إلى الفندق وكان الوقت عصراً واستقر وأخذ جزءًا من الراحة، طلب من إدارة الفندق أن يعملوا له برنامجاً سياحياً خلال المدة التي سيقضيها في الجزيرة، وعرضوا عليه عدة خيارات اختار منها ما يرى أنه يناسبه، ورتبوا له الجدول اليومي للرحلات وأعطوه إياه موضحاً به بداية الوقت ونهايته والأماكن التي سيزورها وشرح مفصل لكل مكان والمدة التي سيقضيها في زيارته، والتكلفة المالية لهذا البرنامج، استلم الجدول واطلع عليه وارتاح لتوزيعه، وتنظيمه، ودقة اختيار الأمكنة.
وفي صباح اليوم التالي وتحديداً الساعة الثامنة صباحاً، حيث بداية الجدول والرحلة لأول يوم كان أبو هيثم مستعداً، وجاء إلى الفندق قائد الرحلة، الذي سيأخذه مع مجموعة من السياح من بلدان مختلفة واجتمع الجميع في حافلة متوسطة، وغادروا الفندق في الوقت المحدد، لزيارة المكان الأول في الجدول، واستمر الجميع في زيارتهم للأماكن المحددة فيه حسب الوقت والخطة، شاهدوا خلال هذه الزيارة أمكنة كثيرة، ومختلفة، وجميلة رجعوا وفي ذاكرتهم أشياء كثيرة، عن رحلة هذا اليوم الجميل، وقد عادوا إلى الفندق في تمام الساعة الخامسة مساءً، بعد أن طلب منهم قائد الرحلة أن يكونوا مستعدين لرحلة الغد في الصباح في الوقت المحدد.
وفي صباح اليوم التالي كان أبو هيثم وصحبه من السائحين مستعدين لرحلة هذا اليوم، حضر قائد الرحلة مع قائد الحافلة وأخذوا الجميع لبداية رحلة هذا اليوم، وزيارة الأماكن المحددة في الجدول، وكان من ضمن تلك الأماكن للزيارة شلالات جميلة، تتدفق منها المياه بغزارة، وبمكان جميل ذا خضرة وجو بهيج، انطلق الجميع إلى المكان الذي سيبدؤون رحلتهم منه إلى تلك الشلالات، وعند الوصول إلى المكان المخصص لزيارة الشلالات، هناك مسافة كيلو متر مشياً على الأقدام خلال طريق ضيق عبر الغابات الجميلة، والنظام لهذه الزيارة لابد من مرافقة هؤلاء السائحين من هذا المكان إلى الشلالات من قبل أحد الموظفين المختصين والتابعين لدائرة السياحة في هذه الجزيرة مقابل رسوم محددة وكان من نصيب هذه المجموعة أن ترافقهم فتاة أنيقة متمكنة من عملها اسمها (ريليزا).
سارت المجموعة برفقة مرافقتهم وكان في الطريق أناس فقراء ساكنين على جنبات الطريق، كان أبو هيثم يتلطف معهم ويحادثهم، ويمنح أطفالهم بعض النقود ذات المبلغ القليل، حيث إنه لم يستعد لذلك ويحضر معه مبلغاً كبيراً، لفت أبو هيثم نظر ريليزا وأعجبت بتصرفاته الجيدة وتواضعه مع المسنين، والأطفال والحديث معهم والتصدق عليهم، وكان هذا هو ديدن أبي هيثم في الذهاب للشلالات والإياب منها، ولقد عرف من خلال أسئلة ريليزا الكثيرة أنها معجبة كثيراً بأعماله، وسألته عن أشياء كثيرة، من ضمنها ما هو الهدف من هذا العمل الذي قمت به مع أن البقية من المرافقين لم يتصرف هذا التصرف.
أجابها أن ديننا الإسلامي يحثنا على مثل هذه الأشياء ولنا أجر على ذلك (ريليزا ديانتها نصرانية) وقبل الوصول إلى المكان بعد الانتهاء من زيارة الشلالات انتهز أبو هيثم فرصة الحديث مع ريليزا وطلب منها تناول كوب من القهوة بعد الوصول، فوافقت على الفور مكث الجميع بعد وصولهم مدة نصف ساعة، حيث إن ذلك مذكور في البرنامج انتهز أبو هيثم الفرصة، وحدَّث ريليزا عن الإسلام فرحبت بالفكرة لكنها تحتاج إلى وقت، ودراسة شيء كثير عن الإسلام، وهذا ليس في متناول يدها وأنه يصعب الحصول عليه أجابها بسرعة أن هذا يتطلب فقط إعطاءه عنوانها، وبعد رجوعه إلى المملكة سيرسل لها كتبًا كثيرة، تتحدث عن الإسلام بلغتها فرحت بذلك وأعطته العنوان وودعها، وودعته، مع أفراد الرحلة.
وبعد انتهاء مدة زيارة الجزيرة عاد إلى العاصمة، ومنها عاد إلى المملكة وذهب إلى مكتب توعية الجاليات القريب من سكنه، وطلب منهم مجموعة من الكتب التي تتحدث عن الإسلام باللغة الفلبينية، التي تم اختيارها من قبل المكتب، أخذها وأرسلها إلى ريليزا على العنوان وبعد مدة قصيرة اتصل عليها ليتأكد من وصول الكتب، وبعد ذلك تركها وبعد ما يقرب من الثلاثة أشهر اتصلت عليه وبشرته، أنها دخلت في الإسلام وتبعتها والدتها وأختاها الاثنتان، فبارك لها ولوالدتها وأختيها، ووعدها بإرسال كتب أخرى ونسخة من القرآن الكريم المترجم. هذه نهاية قصة ريليزا وأبوهيثم.
هنيئاً لأبي هيثم بهذا الإنجاز والعبرة التي ربما نأخذها من القصة أنتم بدوركم ستعرفونها والله أسأله أن نكون وإياكم ناشرين لديننا الحنيف بعدة أشياء يأتي من ضمنها الأخلاق والتعامل الطيب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
** **
d.salehalhamad@hotmail.com