د.عبدالعزيز الجار الله
كورونا جائحة مخيفة وكارثة عالمية على الدول دون استثناء؛ أوقفت جميع أنواع التواصل المباشر، والمناشط الاقتصادية، وأدخلت الدول والشركات والمؤسسات في خسائر مالية كبيرة، لكن بين ثناياها ظهرت بعض البوادر والمؤشرات الإيجابية، منها ما أبرزته للعالم من وجه حقيقي وصادق للإنسانية، وأخلاقيات القيادات السعودية التي تنطلق من تعاليم الدين الإسلامي؛ إذ قدمت المحافظة على الروح البشرية على مكاسب أخرى؛ إذ تحملت الدولة السعودية كل تبعات وتداعيات كورونا المالية والاقتصادية مقابل المحافظة على أرواح وصحة المواطن والمقيم على هذه الأرض.
القيادة -رعاها الله- لم تخضع إلى تعدُّد الخيارات؛ إذ اختارت مباشرة حين ترددت الدول في الحلول والمعالجات، والغوص في نظريات القطيع، والموت بالتقادم، والبقاء للأقوى، والتضحية بغير القادرين على حماية أنفسهم.. اختارت القيادة منذ البدء المحافظة على الإنسان والممتلكات، وتحمُّل ضغوطات أيام الأزمة التي ستخرج منها -بإذن الله- أكثر كسبًا، وأكثر قوة؛ فكانت الأولوية لحماية المواطن والمقيم والصحة العامة لهذا الوطن.
أشاد العالم بالموقف السياسي والأسلوب الإداري والاقتصادي الممنهج الذي أتبعته قيادة السعودية في أزمة كورونا. والعديد من الدول تبنت بعض خطط وآليات السعودية باعتبارها نموذجًا ناجحًا، قادت البلاد إلى مناطق آمنة دون أن تدخل بالكارثية التي تعرض لها دول المشرق والمغرب، وهي في بلد مفتوح لسكان العالم: الحج والعمرة والزيارة للمسجد النبوي، وبلد يعيش التنمية والعمران، ويفد إليه جنسيات عدة لتأدية واجبات دينية، والاستثمار المالي، والعمل في المشروعات.
وهؤلاء ومن يشعر بالعدالة داخل نفسه نقلوا صورة الدولة السعودية الحقيقية مع المواطن والمقيم، وكذلك مع مخالفي الأنظمة ومن لا يحمل إقامة نظامية، الذين تعالجهم الدولة مجانًا، ويحصلون على الرعاية الطبية حتى يتماثلوا للشفاء.
المملكة لا تتاجر ولا تشتري مواقف، ولا تنتظر عدسات الغرب.. هو موقف أصيل في قلب كل مسلم وعربي. وفي المواقف «لا حسابات للحقل والبيدر». وهذا ما غرسته سماحة الإسلام التي حثت على الكرم والجود، والجذور العربية التي شبّعتنا بالنبل والشهامة والعطاء المفتوح.