رمضان جريدي العنزي
DNA حمض نووي يحتوي على الشيفرة الوراثية الفريدة لكل شخص، حيث يحصل الابن على نصف الحمض النووي لديه من الأب، ويحصل على النصف الثاني المتبقي منه من الأم، بفضل اكتشاف الحمض النووي يمكن للعلماء تحديد الجينات حتى ولو بلغ عمر هذه الجينات مليارات السنين، ومن خلال التحليل متعدد المستويات يمكن بعد ذلك معرفة ما إذا كان أصول الإنسان إفريقيا أو قوقازيًا أو إسكندنافيًا أو آسيويًا أو هجينًا، إن الحمض النووي فورة علمية حقيقية واقعية تستخدم الآن بشكل واسع في العالم في أغلب المجالات الطبية والعلمية والاكتشافية، وفي معرفة وتتبع الأمراض والأعراق والأنساب والزواج وفي اكتشاف الجناة وغير ذلك، إن استخدام تقنيات الحمض النووي لمعرفة الغوامض بعد أن أصبحت نتائجة حاسمة ومذهلة يعد أمرًا منطقيًا وحتميًا، إن نسبة الخطأ في تحليل الحمض النووي تكاد تبلغ فرصة واحدة لكل 30 مليارًا من الحالات، بل نسبة نجاحه تفوق 99.99 في المائة، أما العينات المستخدمة في هذا التحليل فهي غالبًا من الدم، ولكن أيضًا يمكن استخدام عينات من الشعر أو الأظافر أو الرموش، أو اللعاب، أو أي جزء من الإنسان صلبًا أو سائلاً، ومع أن هذا التحليل الوراثي اكتشف منذ أكثر من 60 عامًا، إلا أنه منذ أقل من عشر سنوات فقط حدثت ثورة هائلة في استخدامه، خاصة بعد اكتشاف الخريطة البشرية، لقد طور هذا الحمض بحيث يمكن استخدامه في إيجاد الأشخاص الذين يلتقون مع الشخص الآخر بشكل مؤكد من جيل الجد الأول إلى الجيل 52 وإمكانية التواصل معهم، أي يمكن لأي أحد أن يجد أشخاصًا يلتقون معه في جد من آلاف السنين، وكذلك يستخدم في تحديد السلالة الأنثوية، أي تحديد الأم وحتى الجدة الـ16، والأشخاص الذين يشتركون معك في سلالة الأم، حدث كل ذلك بالتحديد عام 2009 حيث قامت شركة Family Tree DNA بطرح نوع جديد من الفحص يستطيع أي شخص سواءً كان ذكرًا أو أنثى بإجراء هذا الفحص بدقة متناهية، كما يستخدم DNA في معرفة أسماء الدول والأماكن التي يوجد بها أصحاب سلالة الإنسان الذكرية، ومعرفة أقرب الناس والأعراق له بشكل علمي دقيق، ويُستخدم لتحديد النسب المئوية الجينية لنسب شخص ما من قارات أو مناطق معينة أو إدراج البلدان والقبائل التي ينحدر منها على أساس كلي، من خلال النظر إلى نقاط الحمض النووي للشخص التي طرأ عليها طفرة أو تطور معين، ومن ثم تتم مقارنة النتائج بنتائج أناس آخرين من جميع أنحاء العالم،ومعرفة النسب والقرابة، إن الحمض النووي هو نوع من الاختبارات مصمم في الأساس لمعرفة النسب المئوية للأصول الأمريكية والأوروبية والشرق أوسطية والشرق آسيوية والإفريقية الجنوب صحراوية الأصلية أو العربية التي يحملها الشخص، وعندما يتم إجراء الاختبار الأول، يمكن تحليل المزيد من العلامات الجينية لتحديد المكان الحقيقي الذي ينتمي إليه الشخص، وعلى سبيل المثال، يمكن لمن كانت نتائجهم أوروبية إلى حد كبير إجراء الاختبار لتحديد المقدار الفعلي لكونهم أوروبيين أو شرق أوسطيين أو جنوب شرق آسيويين أو عرب... الخ، إن العلِمَ لا حدود له مطلقًا وكل يوم هو في اكتشاف جديد، وقفزات هائلة في الابتكار والاختراع والاستحداث، وكل يوم يأيتنا بأمر جديد مهم ومذهل، كعلم الـ(الحمض النووي)، إن العلم يعد العنصر الأهم في تطور الأمة، حيث يوفر المعارف والمهارات والمعلومة، ويقمع الجهل وصوته وتنظيره ويزيح المصفقين له وأنصاره، ويزيل العتمة والتقوقع والانكفاء والظلام، إن العلم هو الأسلوب المنهجي الدقيق والقويم للحياة الحاضرة، بعيدًا عن الطلاسم والخرافة والهوى، والمعلومة المبنية على أغراض وأهداف شخصية بحتة، التي لا تنم للواقع والحقيقة بصلة البتة، سوى شهوات الأنا، ونرجسية الذات والنحن، ومراد التصفيق، وهوس اللا واقع، وأصوات سقيمة تطلق في فضاءات واسعة لا صدى لها، سوى إبتغاءات مرضية لا تسمن ولا تغني من جوع، إن العلم الحديث ألجم الفكر الأسطوري الخرافي المبني على الجهل، وأوجد الحقيقة الناصعة من غير رتوش وبالدليل والبرهان، إن للعلم حججًا واضحة دامغة، وللخرافة حججًا لينة واهية، إن على الأمة الحية لكي تنضم لمصاف الدول المتقدمة في جميع المجالات أن تعمل بالمنهج العلمي، وتنبذ كل فكر فوقي ساذج يجر للوراء بحبال رقيقة لينة واهنة، لأنه لا يرقى بالأمة نحو العلو، بقدر ما يسحبها نحو قيعان الأودية السحقية المهلكة، ويسجرها بنيران التخلف الموقدة.