د.عبدالعزيز العمر
ربما أكون قد انزلقت نحو الإثارة عندما اخترت لهذا المقال العنوان أعلاه، ولعل مصدر الإثارة أتى من عدم إمكانية إطالة العنوان بجملة إضافية لازمة تزيل عنه الإثارة. ربما لا يعلم كثير من الناس أن بعض الذين اختاروا التعليم (التدريس) ليكون مهنتهم المستقبلية، هم في الواقع ليس لديهم أدنى رغبة في عالم التعليم والتدريس، وأنا في هذا الادّعاء لا أنطلق من مجرد تخمينات أو انطباعات شخصية، بل من واقع خبرة طويلة ودراسات. أتذكّر في هذا الشأن أنني عندما كنت مسؤولاً في كلية تربوية تلقيت رسالة محزنة من طالب كان للتو قد تخرَّج من الكلية، قال لي الطالب في رسالته: يا دكتور لقد أتى اليوم الموعود الذي كنت أخشاه، وهو يوم توجهي إلى المدرسة معلماً. وقال أيضاً: أنا يمكن أن أودي أي عمل إلا عمل التدريس، أرجوك أن توجهني (انتهى). مشكلة هذا الطالب الخريج تتحمَّلها ثلاث جهات: طالب الكلية (عندما اختار لنفسه مهنة لا يحبها)، والكلية (التي فشلت في انتقاء مدخلاتها من الطلاب)، والنظام التعليمي (الذي جعل مهنة التعليم متاحة لكل من هبَّ ودبَّ، ولم يوفر ظروف عمل تساعد المعلمين على النجاح). هنا دعوني أكمل عنوان هذه المقالة ليكون: أرجوك لا تختر مهنة التعليم (التدريس) مهنة لك إذا لم تشعر أنك تحبها، وأنك قادر على العطاء فيها. عندما تخطئ الأطراف الثلاثة (طالب الكلية، والكلية، والنظام التعليمي) فالذي سوف يدفع الثمن باهظاً هو المسكين طالب التعليم العام، الذي غالباً سوف ينهي تعليمه العام وهو مهلهل في مهارته وهزيلاً في معرفته، وبالتالي لن يفيد وطنه.