سلمان بن محمد العُمري
لا أدري أأكتب عن الوطن أم أكتب عن المواطن ففي بلادي لكل منهما مواقف تسجل بمداد من ذهب وتستحق الذكر والتخليد، وأن تذكر فتشكر، ويحق لنا أن نرفع رؤوسنا فخراً بهذا البلد المبارك «المملكة العربية السعودية» بمواطنيها، وقبل بقيادتها الرشيدة الراشدة.
هذا الوطن العزيز لا نتغنى بحبه العظيم كسائر الناس حينما يتغنون ببلدانهم وبمحبيهم أو الافتتان به وإطلاق آهات الغزل والإعجاب أو الإشادة بمآثره، نعم ليس هذا فحسب، ولكنه حب ترتبط فيه الأقوال بالأفعال، وتترجم فيه المشاعر الجياشة إلى أعمال وطنية جليلة، ويتم البذل له بالمال والبدن، بل والروح وبكل وسيلة من شأنها خدمة الوطن الغالي وصونه وحمايته من المنغصات وبذل كل نفيس ليبقى عالياً في ذروة المجد والعزة والكرامة ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً فهذا هو «الحب الحقيقي».
في ذروة أزمة «كورونا» وقبلها مواقف عديدة رأينا وسمعنا وعايشنا مظاهر الحب الحقيقي للوطن من أبنائه كأشد وأفضل ما يكون الحب والوفاء قولاً وعملاً، وتنافس الصغار والكبار لصيانة الوطن ورفعته وحمايته وسلامته ودوام سؤدده مروراً بالشاب الصغير وحتى القيادة الرشيدة بشكل تلقائي وعفوي دونما زيف أو تكلف لأنه حب فطري ينميه الوعي والإدراك والمسؤولية للمواطن السعودي.
وحينما تم إطلاق منصة التطوع الصحي لتمكين الراغبين في التطوع مع القطاع الصحي تم إغلاق التسجيل بعد ساعات قليلة مع الاعتذار لمن حاول التسجيل لاحقاً لأن من تقدموا وسجلوا بياناتهم أكثر من مائة ألف متطوع ومتطوعة بين أبناء الوطن بمختلف تخصصاتهم العلمية والعملية ليس لأنهم يرون في الأعمال التطوعية بأنه عمل نبيل وخلق عظيم بل يضيفون لذلك أنهم أمام واجب لخدمة بلادهم ومجتمعهم، ويرون فيه شيئاً يسيراً من الوفاء ورد الجميل وهذا مما يزيدنا فخراً بوطننا وبأبنائه البررة الكرام.
في الأزمات والشدائد يظهر النبلاء ولكننا ولله الحمد لا نحتاج للأزمات لنعرف معدن أبناء هذا الوطن فهم مع وطنهم في كل وقت وحين، وتحت أي ظرف، نعم خلال ساعات قليلة لا تتجاوز الثلاث تم تسجيل أكثر من مائة ألف متطوع ومتطوعة يريدون شرف خدمة الوطن وينطلقون في هذا من واجبهم الديني والوطني، ومثل هذه المواقف لا تحتاج إلى دعوات أو إلى إعلانات أو حوافز فالواجب الديني والوطني والإنساني هو المحفز دائماً لهم، وهذا التجاوب السريع كما أشرت دليل على نبل المواطنين وشهامتهم وإيمانهم فإن هذا العمل النبيل والشريف من أجل الأعمال ولا سيما في هذه الأوقات.
لقد سبق أن تناولت في مقال سابق عن سعادة الجميع بصدور نظام التطوع الذي تم إقراره مؤخراً، وفيها ما يتعلق بالتطوع في الجانب الصحي، وأن ذلك سيسهم في رسم استراتيجية تطوير منظومة العمل الصحي والتي ستصب أيضاً بتحقيق رؤية 2030 لأن هذا العمل الخيري التطوعي سيسهم في سد الحاجة في القطاع الصحي الذي تتزايد خدماته واحتياجاته يوماً بعد يوم، ويتفق كذلك مع المحور الثالث من محاور الرؤية الوطنية وهو؛ (وطن طموح ومواطنيه مسؤولية، وذلك بالسير لأصحاب المصلحة لتحقيق المسؤولية الاجتماعية في أعمالهم ومجتمعهم والمساهمة للوصول إلى التنمية ودعم تحقيق المستهدفات الوطنية).
ولقد سبق هذه المبادرات من المتطوعين مبادرات كريمة من رجال ونساء الأعمال الأفاضل الذين بنو على حسابهم الخاص مراكز صحية ومستشفيات أو التبرع بأجهزة ومعدات أو حتى مبالغ مالية إلى جانب ما سمعنا من تبرعات للوقف الصحي، وسوف يتم الحديث عن هذا الجانب في وقت لاحق.
وأعود معتذراً فإني لا أفي الوطن ولا المواطن حقه في الحديث عن الحب المتبادل مع وعد بالعودة للحديث عن وطني المتميز الذي فاق جميع دول العالم، وأكد ذلك عملاً لا قولاً أن المواطن رقم واحد في العناية والاهتمام به، وحمايته ورعايته في الداخل والخارج.
أدام الله علينا النعم ورفع عنا كل بلاء ونقم، وحفظ الله البلاد والعباد من كل سوء ومكروه.