وتزخر مذكرات ابن خميس [شئون وشجون من واقع حياتي] برصد وفير عن مآثره ونخوته وشهامته؛ وهذه المذكرات بقيت لم تنشر إلى هذا الوقت؛ أبان ابن خميس في مقدمتها أسباب ذلك! وهناك نسخة مخطوطة منها في مكتبة الملك فهد الوطنية؛ واشتملت سيرة الأديب على جملة من الموضوعات اللافتة [صورة المرأة في شجون ابن خميس، ونماذج من التعاون القروي، وبواكير تعليمية في حائل، وشئون ابن خميس في جهاز الزكاة، وابن خميس والصداقة والأصدقاء، وحديث شيق عن النبوغ الأدبي وشئون الصحافة،، والعمل الرسمي ورؤى ابن خميس التطويرية] وكل ما ذكرناه من معلومات مجملة في مذكرات ابن خميس يزخر ببدائع الحديث؛ وبراعة الصور؛ والقصص الخلاقة التي تروي شجاعته وقتله للذئاب المعتدية على مواشي جيرانه! وغير ذاك من المواقف،، وفي تلك اللوحات صور شتى تعكس ثقافة ابن خميس ونبوغه وبواكير تعليمه وتكوينه الشخصي الذي انعكس على حضوره الثقافي في عصره،،، ومن اللافت أن الأديب عبدالله بن خميس قد نظم الشعر الشعبي وهو شاعر الفصحى الذي لا يُشق له غبار؛ ولابن خميس نظرية تقترب من نظرية اللغويات التي يتحدث عنها علماء اللسانيات وهي وجود العلاقة الحتمية بين المعنى في اللغة وكيفية التعبير عنه نحويًا وصوتيًا، كما يؤمن ابن خميس أن اللغة كائن حي يخضع لقانون الوجود، وكم وافر من التحولات ونظرية ابن خميس لم تغلق الباب دون الموروث الشعبي بل استجلبته كأحد المكونات الثرية تاريخيًا ولغويًا لثقافات الشعوب،،،
ومما يؤكد حماسه للفصحى قوله،،
إذا سرتْ في لسان القوم بادرةٌ
عجماء فاستمرأوها بئسما اختاروا
وقوله،،،
[وإذا أصيبت أمة بلسانها
نادتْ على تقويضها مأساتها]
ومما يؤكد إبداع ابن خميس أيضًا في الشعر الشعبي قوله في الدرعية عندما أصابها الجدب،،،
[سلام يادار تربّع في مفيض الوصيل
نخوة بني مقرن هل العادات تُعزى لها
دار الشرف والمرجلة والمجد عز النزيل
لين جا بوادر قالة فانشد رجالها ]
وهناك فن نثري أنيق برع فيه الأديب ابن خميس واختفى ذكره من تاريخه الأدبي وهو فن الرسالة وهو فن شاع في العصر العباسي؛ وتبارى في إتقانه الخلفاء ورؤساء الدواوين؛ وجل ما ورد عن ابن خميس جُمع من أرشيفه الشخصي ومنها الرسائل الديوانية التي تكتب في شئون الدولة وما يعالج شئون الإدارة والتنظيم الداخلي والمقترحات والشفاعات؛ والرسائل الإخوانية وهي عند ابن خميس زاخرة وافرة وفيها تنوع وطرفة وجمال ومواقف،،،،
رحم الله ابن خميس فلم يكن خطابه الوطني والأدبي والثقافي خاص بذاته المبدعة بل كانت حياته دائرة تستكمل دورانها وهو متأبطٌ حلمه الذي لا بُرْءَ منه؛ ويداه متيمتان بتراب وطنه،،،
** **
- د. هياء بنت عبدالرحمن السمهري