ميسون أبو بكر
رغم أن الإسلام كان سبَّاقاً في دعوته للتطوّع والتعاون كون هذه الأعمال تقرِّب إلى الله {وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}، إلا أن التطوّع إلى وقت قريب في دولنا كان دون الطموحات، ولم يجد له موطئ قدم حقيقياً إلى أن تغيَّر الحال مؤخراً وأصبح التطوّع ثقافة بدأت تتنفّس وتنتشر ساعد في ذلك عوامل عديدة أهمها الصيغة الجديدة لمجتمعنا والتغيُّرات التي طرأت عليه، كما أن الحرص عليه ضمن ركائز رؤية المملكة العربية السعودية 2020؛ حيث كتب عنه د. صالح التويجري في مقدمة كتابه «العمل التطوعي.. آفاق وتطلعات» أنه يسهم في بناء المجتمع وتطوره وعده مكملاً للقطاعين الحكومي والخاص فالتطوّع كما أكد يجعل من الشباب حضوراً فاعلاً في مجالات مختلفة تستثمر طاقاتهم وتنمي فيهم المواطنة.
العمل التطوّعي معيار لرقي المجتمع وتطوره؛ يوقظ البعد الإنساني وينمي مهارات الشباب، وقد أكد التويجري أن لشبكات التواصل الاجتماعي دوراً في توسيع دائرة العمل التطوّعي بين الشباب الذين يشكِّلون اليوم ثلثي المجتمع السعودي ويعتمدون على التقنية بشكل كبير.
في كتابه القيِّم الذي يعتبر مرجعاً لآفاق وتطلعات العمل التطوّعي عدد من الموضوعات المهمة التي أكاد أجزم أنها شملت العمل التطوّعي بكل حيثياته حيث تحدث عن مفهومه ونظرياته وأبعاده وثقافته ومنظماته ودوره وتنمية المجتمع، كما أبرز التحديات فيه، ومشاركة الشباب والمرأة وتأهيلهما، كما وسائل الاتصال الإلكتروني ودورها في الأزمات والكوارث وهذا يقودني للإشارة إلى مجموعة الشباب السعودي المؤهل الذي استقطبتهم المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر التي يرأسها د. صالح التويجري سواء موظفين رسميين أو متطوّعين أبدعوا في نشاطات مختلفة ضمن المنظمة.
كتب د. صالح بن حمد التويجري أن العمل التطوّعي يحتاج إلى المزيد من الدراسات والأبحاث العلمية للتغلب على المعوقات التي تواجهه، ولعل في أزمة كورونا اليوم نشط عدد من المتطوّعين في مجالات مختلفة كل حسب هوايته وتوجهه وقدراته بالتعاون مع مؤسسات الدولة وضمن نطاق توجيهها ورعايتها، والتي تعتبر تجربة يمكن إضافتها لتجارب تطوّع سابقة في موسمي الحج والعمرة.
لا بد أن يكون العمل التطوّعي ثقافة لا تغيب ولا تتوانى، ولعلي من هذا المنبر أدعو لقراءة فكر د. صالح بن حمد التويجري في مجمل كتبه التي تثري المكتبة العربية في مجال الأعمال الإنسانية التي يمكن استثمارها اليوم في ظل أزمة كورونا التي يتضح أنها أزمة ستطول لأشهر وتحتاج لكل طاقاتنا لمجابهتها.