محمد بن عبدالله آل شملان
الليلة قبل الماضية خيّم حزن شديد على شركة سمسا فيديكس للشحن السريع الشركة التي لها أكثر من 200 فرع على مستوى المملكة، والعاملون فيها يتلقون ذلك الخبر الصادم والفاجع، بوفاة أخ لهم عزيز وزميل عصامي فاضل هو رجل الأعمال السعودي سلطان العذل، الذين عرفتُه من خلال وسائل الإعلام وعرفه الكل بطموحاته ورغبته وإصراره على النجاح الذي يميزه لأكثر من 23 عامًا، التي مكَّنته من ممارسة حياته الأسرية والعملية بكل تفوق وإبداع.
احتضن ثرى الوطن الطاهر بطموحات وإصرار جسد سلطان العذل، بذات الطموحات والإصرار الذي يمارسه الراحل العزيز للوطن وأهله على مدى عقود من الزمن، تعَّلم العلوم النافعة في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعية بكل تميز، وعاش وعمل بعدها في إدارة الأعمال، وضمن مشهد مرضه الذي أفقده الحركة والنطق، كانت الريادة عنوانه الأول.
وبذات الطموح والإصرار الذي كان يميزه في دراسته وتعاملاته بكل من عرفه، وهو لا يبخل بالعلم الذي تعلمه والخبرات التي اكتسبها على الجميع، وبكل أريحية وتواضع، يتبتل في محراب ريادة الأعمال والتجارة.
شعرت بالحزن وأنا أقرأ تغريدة لابنه: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، بقلوب مؤمنة راضية بقضاء الله وقدره، انتقل إلى رحمة الله والدي سلطان بن محمد العذل؛ اللهم ارحمه وتجاوز عنه وتقبّله قبولاً حسنًا وثبّته بالقول الثابت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم».
عندما تولَّى الراحل تأليف كتاب عن تاريخ أسرته الذي استطاع فيه تطويع حاسة البصر في تأليفه له، على الرغم من حالته الصحية، الأسرة الصرح الذي تجمعه بهم بالحب والمودة. وجدتُه يشارك تلك الأسرة ذات العشق وموسوعته المعرفية بخبايا ومكنونات ثقافاته الثرّة، وكان مدرسة بحد ذاتها في الكتب التي ألَّفها ككتاب الإنسان والكوارث، ومجموعة من الأدلة المهنية الإدارية والفنية المتخصصة.
يقول صالح النعاشي: «العالم الشهير ستيفن هوكينج إحدى الشخصيات التي تخطت روحه حاجز الجسم المقيد المقعد ليكون بحق أحد عظماء الفيزياء في التاريخ، شبيهة العربي هو السعودي سلطان العذل.. رجل مقعد مصاب بشلل كامل لا يستطيع عبر جسده فعل شيء أبدًا، لكنه بروحه فعل المستحيل.. يدير 8 شركات وأكثر من 10000 موظف، كل ذلك بعينيه، إنها عبقرية الروح التي لا تحتاج إلى قالب الجسد لتنطلق وتبدع وتتميز».
لقد كان للعذل أفعاله البصرية والاستثنائية من خلال العلاقة بالخير وأعماله، فقد أعاد بناء جامع الملك عبدالعزيز بالمزاحمية وأسس مدرسة سلطان العذل لتحفيظ القرآن الكريم بالمزاحمية إلى غير ذلك من الأعمال الخفية التي الله سبحانه وتعالى عالم بها.
وأنا أقترح على أبنائه وأشقائه بإقامة ندوة عن حياته، بعد زوال الظرف الراهن الذي يعيشه الوطن، على أن يُشكَّل من بين أعضائها فريقًا للقيام بالاستقصاء عن شخصية الراحل، عليه رحمة الله، بغية استفادة الشباب، وترجمة تلك السيرة بجميع اللغات.
اليوم وقد ترجّل العذل في المرحلة التي تعد المرحلة الأخيرة لحياة كل إِنسان، نعزِّي أنفسنا وأسرته، داعين الله سبحانه وتعالى أن تتنزَّل عليه شآبيب رحمته ومغفرته وعفوه ورضوانه، ويدخله فسيح جناته، ويثبته بالقول الثابت، وأن يجعل ما أصابه تكفيرًا ورفعة لدرجاته، ويلهم أفراد أسرته الكريمة وعائلته ومحبيه الصبر والسلوان. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} البقرة 156.
وداعًا سلطان العذل.. المكافح والعصامي.