د. أحمد الفراج
تحدثت في المقال الماضي عن نائب الرئيس فرانكلين روزفلت، هاري ترومان، الذي أصبح رئيساً بعد وفاة روزفلت، ثم وعكس ما توقّع الجميع، حقق إنجازات كبرى، وأصبح واحداً من أفضل عشرة رؤساء عبر التاريخ الأمريكي، واليوم نعرِّج على نائب رئيس آخر، هو ليندون جانسون، نائب الرئيس الشهير، جون كينيدي، وكما في قصة روزفلت وترومان، أعاد التاريخ نفسه، فبعد الاغتيال المأساوي للرئيس كينيدي في مدينة دالاس بولاية تكساس، خلفه جانسون، الذي كان كينيدي قد اختاره نائباً له لأسباب انتخابية خالصة، فهو جنوبي من تكساس وسياسي مخضرم، وهو أحد أربعة أشخاص فقط يفوز بكل المناصب الفيدرالية، إذ انتخب لمجلس النواب ثم لمجلس الشيوخ ثم كنائب للرئيس ثم رئيساً، واشتهر خلال مسيرته بأنه سياسي من عيار ثقيل، ويملك القدرة على القيادة، كما أنه قوي الشخصية وصعب المراس وحادّ الطباع ويعشق السلطة بشكل كبير، وعندما اختاره كينيدي نائباً له، اعترض معظم مستشاريه على ذلك، ولكنه أصر على رأيه، وتتعدَّد الروايات حول أسباب اختيار كينيدي لجانسون.
فترة رئاسة جانسون كانت في ستينيات القرن الماضي، وهي الفترة التي كانت فيها أمريكا في حرب مع نفسها بسبب حركة نضال السود لنيل حقوقهم، وبما أن كل رئيس أمريكي يحرص على أن يكون له إنجاز يدخله التاريخ، فإن جانسون دخل التاريخ من أوسع الأبواب، بعدما وقَّع قانون المساواة بين السود والبيض في عام 1968، وهو القانون الذي ألغى التمييز العنصري، وعلاوة على ذلك، فقد حقق جانسون إنجازات أخرى، تتعلَّق بقوانين الهجرة والخدمات الصحية، وكذلك مساعدة أصحاب الدخل المحدود، ولم يعكر صفو فترته الرئاسية إلا التورّط في حرب فيتنام، التي كانت سبباً في تخليه عن فكرة الدخول في معركة إعادة الانتخاب لعام 1968، ورغم كل ذلك، فإن المؤرِّخين يصنِّفونه في مرتبة جيدة، ربما ضمن أفضل خمسة عشر رئيسًا، وكذلك الاستطلاعات الشعبية، وخصوصًا الأمريكيين السود، وربما لو لم تكن حرب فيتنام، لأصبح ضمن أفضل عشرة رؤساء، فبعض المؤرِّخين يقارنون إنجازه المتمثِّل بتوقيع قانون الحقوق المدنية بما فعله الرئيس التاريخي لينكولن، الذي حرَّر الأرقاء من العبودية قبل جانسون بقرن كامل!