د. خيرية السقاف
تتوالى الأيام والكائنات طليقة..
الجدران تطوق الإنسان ربما في بالها من الأفكار عنه كثيرًا..
فيما هو يترقب الإنفلات خارجًا عنها..
بينا النوافذ مشرعة فرصته الوحيد للحلم..
المدن التي لا تطل من أبنيتها شرفات خارجية، يتحسر ساكنوها على صنيع مصمميها!
هناك «العسكر» يغنون في الساحات للمطلين منها، فيتراقصون، يقفزون، يصفقون معًا..
وهنا تتوارب الأبواب لاقتناص حركة ما خارج الأبنية، أو تنفرج للتوحد بالشجر والعصافير..
داخل أسوارها..
«كوفيد19» الزائر المتخفي البغيض يتسلل كما الريح لأنسجة المدن في خفاء،
يعتمر «طاقيته» وبقتحم..
أعداد الموتى في معركته تزداد، وينفرج الأمل بالمتعافين من إصاباته، ويختنق الحدس بالزيادة في ضحاياه..!
أخنان البشر المتكدسين في حجرات ضيقة، وداخل أحواش مهملة، والذين في متاه الجهل يزيدون رهق العقول الكادة في المعركة معه..
الوقت لا يطول ولا يقصر، بينما يمضي بلحظاته وثوانيه يتناقص، ويزيد، لا عين تراه، ولا حاسة تلمسه..
في هذه الحالة؛ الذين بين الأسوار بالكاد يمدون طول سيقانهم، والذين تحت السقُف الضيقة، كالذين في الشرفات يغزلون في مخيلاتهم مشهد الانطلاق، وأقدامهم لا تتحرك أبعد من ملمترات..
كلهم في معية ما، ينتظرون..
يخيل إليهم النور الذي يشع في الطرقات صباحَ كانوا يستيقظون لأعمالهم، وحاجاتهم،
والسعة التي يتحركون فيها لأي اتجاهات المديمة، ومنافعها، والوجوه التي يألفونها وقد غابت عنهم..
في الانتظار هم، يترقبون جلاء هذا الزائر المحتل..
هذا الذي باغتهم متخفيًا، فدخلوا لأكنانهم، ونزل أبطال جيوشهم ساحة الحرب يخوضون معه المعركة ليلاً ونهارًا وسينتصرون،
بحول الله، وقوته سينتصرون..