د. خيرية السقاف
كل المؤجلات؛ الأفكار المخاتلة. الأحلام المشاغبة، الأمنيات المزخرفة..
وكثير من الواجبات الواجبة في عج انشغالات المرء اليومية مهملة،
تنزوي في أركان الانتظار علَّ المرء يفرغ لها..
وزوايا الانتظار محطات مهجورة كتلك التي في الطرق السريعة بين اتجاهات
جغرافيا يصلها عابر مضطر لأن يتوقف عند بصيص نور باهت يلمح له بمقرها،
وقد لا يراها، ولا يصل إليها، فتزيد وحشة، وأغبرة، فانغمار..
وأي مهمل مؤجل دون عمار مآله الفناء..
فالمحطات المهجورة حين تكون في تجويف باطن الإنسان، فإنها في متاه،
حيث إن المرء حين تأخذه دواليب اليومي، تلتهم ثواني وقته، بساعات يومه، ويرجئ أفكاره الطارئة التي تخاتله في معمعة انشغاله ولا يدونها للفحص، وأحلامه المشاغبة، حيث يستغرق ولا يجدولها للتنفيذ ضمن منجزاته، وأمنياته المزخرفة ولا يرسمها في مسار مهامه المجدولة، بمعنى أنه يؤجلها كلية ولا يُفرغ لها من وقته حيزاً ولو يسيراً فإنه قد يصعب عليه العودة إليها، إذ سيضمحل نور مصباحها في زوايا باطنه، وسيتراكم عليها غبار النسيان، وستؤول إلى الفناء الداخلي لتصبح هلاما في نسيج طريقها الذي عبرت به في لحظة ما كان فيها منشغلاً بسواها!..
وكثيراً ما خسر المرء مؤجلاته التي فيما لو أخذ بعنايتها نحواً واعياً بقيمتها قد تكون فارقة في مسيرته يمضي بها فضاء شاسعاً، ويعلو بها مرتفعاً صعباً، تماماً كالوقود في طريق طويل يمد مركبته لتمضي، فإذا ما تمادى في التأجيل لها غدا كالمنبتّ في طريق، يبحث عن محطة ليتزوَّد بالوقود، فإذا ما بلغها وجدها أطلالاً، لا وقود فيها! ...
في العزلة الفارضة كثيراً ما يحاول المرء العودة لمؤجلاته،
ترى سيعرف الطريق لمحطتها؟!