إيمان حمود الشمري
لم تكن خطوة عشوائية من هيئة الإذاعة والتلفزيون بإطلاق قناة تحمل عبق الماضي في وقت يزدحم فيه الحاضر بالكثير من مشاعر القلق والخوف والترقب، كانت هدية باهظة الثمن والأحاسيس للمتابعين السعوديين في هذه الظروف الحرجة.
قناة (ذكريات) هي قناة إنعاش للذاكرة الجميلة تواطأت فيها هيئة الإذاعة والتلفزيون مع الماضي ضد الحاضر لتقدم لنا حقبة زمنية معينة يرى فيها كل مشاهد جزء من ذاكرته في مشهد مسلسل أو برنامج أو فيلم كرتوني يعيده إلى الوراء فيتخيل أهله وأحبابه وكأنه لا يشاهد مسلسل من الماضي فقط وإنما يشاهد ماضيه هو شخصيًا، ويخيل إليه أخوته وهم يفترشون الأرض ويحجزون أماكنهم قبل بداية المسلسل، ويرى سفرتهم البسيطة التي تجمعهم إِذ لم يكن أحدًا يلهو عن الآخر في وسائل التواصل، ولم يكن أحدًا يلتقط صورًا، ولم يكن أحدًا يعلم ماذا يدور في بيت الجيران، وإنما كان الاهتمام يتقاسمه فقط أفراد الأسرة ولا يشاركهم فيها سوى شاشة التلفاز التي تجمعهم، حيث كانت تتصدر قائمة الوسائل الترفيهية دون منازع، وكانت الأعمال ترسخ بالذاكرة رغم وجود الكثير من الثغرات في العمل وعدم توافر الكثير من الإمكانات في التصوير والإخراج وغيره من الأدوات الفنية، إلا أن الأعمال آنذاك استطاعت أن تحفر لها مكانًا مميزًا في الذاكرة لم تستطع التكنولوجيا الحديثة ولا وسائل التواصل أن تلغي تلك المكانة.
قناة ذكريات تنفض الغبار عن الكثير من المشاعر المخبأة والحنين للزمن الجميل وتقدمها للمشاهد على هيئة قالب حلوى تقليدي بسيط ولكنه يعجبك رغم مكوناته البسيطة فقط لأنه يحمل رائحة أمك وأخوتك وبيتك القديم.
هل كانت قناة ذكريات تهدينا ذاكرتنا دون أن نعلم؟
قناة ذكريات هي هدية وفاء من هيئة الإذاعة والتلفزيون لكل من ارتبطت ذاكرته وتفاصيل حياته بهذه البلد الحبيبة، فكل الشكر لمعالي وزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي رئيس مجلس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون على هذا التذكار الذي جاء بتوقيت الحجر موقعًا باسمه، كل الشكر لفريق العمل الذي شارك بإطلاق هذه القناة التي تجتر الكثير من الحنين وتتزاحم فيها الدموع بين غصة وآه، وضحكة وفرح، إلا أن أحدًا لا يريد أن يشفي من تلك الذاكرة الجميلة التي كادت أن تفتك بها الوسائل الحديثة لولا أن ظهرت قناة تُدعى... ذكريات.