الشنانة بلدة تاريخية صغيرة، تقع غرب الرس على بُعد نحو 7 كم. وقد ارتبط ذكر الشنانة بالعديد من الأحداث التي شهدتها المنطقة. وقد أشار إلى ذلك المؤلف المعروف الشيخ محمد العبودي في كتابه (المعجم الجغرافي لبلاد القصيم) بقوله: «إن اسم الشنانة تكرر في المعارك التي حدثت بين العساكر المصريين وأهل نجد، ابتداء من حروب الدرعية وما بعدها، ثم بحوادث المنازلات والمعارك التي حدثت بين الملك عبدالعزيز آل سعود وعبدالعزيز المتعب الرشيد أمير حائل».
وأقدم هذه الأحداث التي شهدتها الشنانة حملة طوسون باشا سنة 1230هـ، الذي حاصر الشنانة يومَين قبل أن تستسلم له، ثم حاصرها مرة أخرى مدة أربعة أيام، وقتل من أهلها 200 رجل؛ لأن أهل الشنانة هموا بالفتك بالحامية التركية بالرس.
ويذكر المؤرخ الفرنسي فلكس مانجان أن «زعماء الخبرا والهلالية والبكيرية والشنانة جاؤوا إلى طوسون، وجددوا له الولاء». وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن الشنانة كان لها آنذاك كيان إداري خاص بها، ولها مسؤول أول، سماه فلكس (زعيم).
أما فهد منيع الرشيد مؤلف كتاب (شعراء من الرس) فقد سماه باسمه (أمير الشنانة منيع الخليفة)، وأكد أن الإمام عبدالله بن سعود أخذه معه إلى الدرعية، هو وأمير الرس شارخ الفوزان، تعبيرًا عن عدم الرضا عنهما لمصالحتهما طوسون. وقد عادا معًا بعد سقوط الدرعية سنة 1233هـ كما في كتاب (الرس وأدوار تاريخية في الوحدة) لمؤلفه الدكتور محمد السلومي.
كما أن تولِّي منيع الخليفة إمارة الشنانة في السنوات التي سبقت حملة طوسون يتوافق مع ما يقوله ويؤكده أحفاد أسرة الخليفة بأن الشنانة لم يكن لها أمير ولا مرقب عندما نزلها جدهم خليفة المنيع سنة 1200هـ في الجزء الذي أقطعه إياه الشوارخ من ملكهم المسمى (ظلما)، فلما تمكَّن جدهم لاحقًا هو وأبناؤه من الاستئثار بمُلك (ظلما) بعد رحيل الشوارخ إلى بلدة المطية قاموا بمساعدة منيع الخليفة على تولي إمارة الشنانة، وبناء المرقب خلال العشرين سنة التي سبقت حملة طوسون باشا.
وهذا التاريخ لبناء المرقب متقارب جدًّا مع الرواية الواردة في كتاب (الرس وأدوار تاريخية في الوحدة) لمؤلفه الدكتور محمد السلومي، التي تقول إن بناء المرقب كان في عام 1211هـ. أما الرواية المخالفة التي تقول بأن بناء المرقب كان في عام 1111هـ فهي رواية ضعيفة؛ إذ إن المرقب لم يكن له ذكر في كتب المتقدمين، وأول من ذكره هو ابن بشر، وهو يتحدث عن حملة طوسون باشا الذي حاصر الشنانة سنة 1230هـ، وكيف أن أهلها لجؤوا إلى قلعتها (أي المرقب) التي يستخدمونها للمراقبة وللاحتماء بها عند الحاجة.
وقد أدرك المسؤولون -وفقهم الله- المكانة القديمة والمتجددة لأسرة الخليفة؛ فجعلوا منصب رئيس مركز الشنانة في هذه الأسرة، الذي يشغله حاليًا مجاهد الخليفة.
** **
- محمد الحزاب الغفيلي