سلطان بن محمد المالك
أحد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها حكومتنا الرشيدة كان حث القطاعَيْن العام والخاص على الالتزام بتعليمات الحظر، والبقاء في المنازل، مع ضمان استمرارية العمل، ولكن عن بُعد. والسؤال: بعد مضي أكثر من شهر، هل نجحنا فعلاً في العمل عن بُعد؟ وهل إنتاجية الموظف زادت أم قلّت؟ وماذا عن جودة العمل عن بُعد. كثير من التساؤلات تفتح المجال للباحثين والدارسين والمهتمين من الجهات المعنية في إجراء دراسات للتعرُّف على هذه التجربة الفريدة في المملكة.
المؤكد أن البنية التحتية للاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة أسهمت بشكل كبير في إنجاح وتسهيل العمل عن بُعد؛ إذ أتاحت الإنترنت، وسهلت استخدام العديد من التطبيقات والبرامج الخاصة بالاتصال الصوتي والمرئي لمتابعة الأعمال وعقد الاجتماعات المرئية.
بكل تأكيد، إن التجربة ثرية وغنية بالنجاحات، وخصوصًا على مستوى الدولة؛ إذ عقدت اجتماعات عالمية عن بُعد، وكذلك اجتماعات مجلس الوزراء، وكثير من الاجتماعات التي تخص كبار مسؤولي الدولة، حتى أن مجلس الشورى قرر عقد جلساته من خلال الاجتماعات المرئية عن بُعد، وغيره كثير من الجهات في القطاعَيْن العام والخاص نجحت في ذلك.
وهذا لا يعني أن التجربة تخلو من السلبيات؛ فمن وجهة نظري، ومن تجربتي الشخصية للعمل عن بُعد خلال هذه الفترة، لحظت عدم وجود وقت محدد يلتزم فيه الجميع، ومن الصعب أن تتحكم في جدول عمل الجميع؛ فقد يعمل الشخص في مكتبه 8 ساعات بينما في منزله عن بعد قد تتجاوز ساعات العمل 14 ساعة. كما أن كثيرًا من الناس فهم العمل عن بُعد بشكل خاطئ، وهو أن العمل يكون مقصورًا على الاجتماعات المرئية متناسين أهمية متابعة الأعمال المهمة الأخرى من خلال البريد الإلكتروني، وغيره من قنوات التواصل المتاحة في بيئة العمل، وأهمية التحضير المسبق لأي اجتماعات مرئية، وإنجاز كثير من الأعمال على انفراد.
والذي حصل أن البعض نقل بيئة عمل المكاتب للمنزل، ولم يغير من طريقة التواصل اللحظي. وأصبحنا نتواصل بفوضوية دون مراعاة للوقت والالتزام به؛ فهناك من يتواصل ويريد من يجيب عليه وهو في ساعات متأخرة من الليل دون مراعاة لأوقات الآخرين.
كما أثبتت التجربة أن هناك ضعفًا وقصورًا لدى البعض في التعامل مع التقنية وتطبيقات التواصل الحديثة؛ فبعض الجهات لم توفر للعاملين لديها أجهزة تساعدهم على العمل عن بُعد، أو تدريب العاملين على تطبيقات العمل عن بُعد. كما فوجئت بعض الجهات في القطاعين العام والخاص بعدم جاهزيتها للتعامل مع التقنية، والعمل لاعتمادهم في عملهم على الأعمال الورقية دون أتمتة؛ وهو ما اضطر العمل لديها للتوقف تمامًا.
أختم بالتشديد على نقطة مهمة، هي أهمية تثقيف وتوعية الجهات والعاملين بها بالاحترازات الخاصة بأمن المعلومات والحماية عند استخدام تطبيقات العمل عن بُعد.