سمر المقرن
هشاشة أوضاع النساء في أوقات الكوارث متشابهة في العالم. وإذا كان الله قد خص المرأة السعودية برعاية خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين لنُعزل في جزيرة الأمان والرحمة ببلدنا الأمين لتكون المرأة السعودية استثناء. لكن أحوال النساء في زمن كورونا حول العالم وبعض الدول العربية باتت تؤرق مضجعي وتهاجمني بكوابيس ومشاهد واقعية تهز جوانحي، فهذه ممرضة ضعيفة في بلد عربي شقيق تحمل مسنة ضريرة مصابة بالوباء فتصيبها العدوى، فتبكي الأمرين وهي في طريقها إلى الحجر الصحي خوفًا على من خالطتهم من أهلها وزميلاتها. وهذه امرأة حامل مضطرة إلى الخروج للعمل فزعة وسط ضبابية المعلومات عن انتقال الفيروس من الأم للجنين من عدمه فتنسى وتتعطر بالكحول الاثيلي! وتلك مسنة معيلة تجلس لتبيع الخضار وسط تجمع أسواق يرحب بالفيروس مفضلة الموت على ألا يجوع أبناؤها. وأخرى تتلظى في مخيم بين جوع لعين وفايروس أشد لعنة، إنها المرأة التي أضيف إلى مسؤولياتها العادية في وقت السلم مسؤولية أخرى كانت تنال فيها خمس أو عشر دقائق على الأكثر لالتقاط الأنفاس، فأصبحت محرمة لتستغلها في تطهير فلذات أكبادها خوفًا عليهم من العدوى، وتضاعفت جهودها لتظل صلبة قوية لمواجهة الوباء، بينما هي بحاجة لمعجزات عصا سيدنا موسى عليه السلام ولا يتبقى إلا أن تبرأ الأكمه والأبرص كنبي الله عيسى عليه السلام. ولم يشفع لها تصريح معز دريد المدير الإقليمي بالنيابة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية، بأن المرأة العربية تقوم بخمسة أضعاف أعمال الرعاية الأسرية مقارنة بالرجل العربي، وأن النساء يمثلون 70 في المائة من العاملين بالقطاع الصحي والاجتماعي، وفي هذه الفترة تتحمل أعباء مضاعفة وأحيانًا تنوب عن الرجل في مجال العمل.
وأضيف ما بالنا لو كانت مريضة أو حاملاً فللأسف وفي خِضم تكاتف الجهود ضد الوباء يصبح طلب الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وحتى عمليات القلب المفتوح رفاهية؟! كل ذلك حدث في دول مشهورة بالكفاءة الصحية، فما بالنا بتلك الدول المعروف عنها هشاشة أنظمتها الصحية فيصير طلب العلاج ضربًا من الخيال. وبينما مطالب من الجميع العزل والابتعاد الجسدي التام عن المشتبه فيهم الإصابة بكورونا تصبح المرأة طوعًا أو كرهًا لا خيار أمامها إلا التقارب الجسدي لخدمة المرضى من أفراد أسرتها؟ ومع اقتراب شهر رمضان المعظم أعاده الله علينا بالبركات يتضاعف مجهود بنات حواء فعليها أن تفعّل دورها كطبيبة وممرضة وطاهية وعاملة...الخ وغير مسموح لها بأن تمارس رفاهية التألم وقول آه الشكوى!
كان الله في عون المرأة في وطننا العربي وقوى أنيابها في مواجهة الوباء، وأقول لها قري عينًا فسينجلي ظلام كورونا واستعدي لأزمة جديدة تكوني فيها كالعادة بمليون رجل.