د. صالح عبدالواحد
لا يمكن أن يمر يوم دون أن يتداول الناس نظرية المؤامرة حول وباء الكورونا المستجد الذي تسبب بجائحة عالمية. ولا يوجد شيء مؤكد إلى اليوم عن هذا المرض سوى معرفتنا التامة بأنه لن ينتهي دون أن يترك أثرًا كبيرًا على هذا العالم.
وفي الوقت الذي يمكن توقع حجم الأثر الاقتصادي الهائل أو تحديده بالأرقام، إلا أن الآثار الاجتماعية سواء الإقليمية أو العالمية لهذا الوباء لا يمكن تقديرها أو التنبؤ بها من جميع الاختصاصيين الاجتماعيين خبرة في العالم.
في تاريخ 18 أكتوبر عام 2019، وقبل أن يتم تسجيل أي حالة لمرض الكورونا المستجد، تم عقد مؤتمر بحضور عدد من الشخصيات التي تمثل عدة جهات عالمية يهدف للتدريب الافتراضي لمعالجة الأثر العالمي المحتمل في حال حدوث وباء. وتم اختيار اسم «وباء كورونا» لهذا التدريب العلمي.
تمت هذه الندوة التي تسمى Event 201 برعاية مركز جونز هوبكنز الطبي المرموق ومؤسسة ميليندا وغيت الخيرية والمنتدى الاقتصادي العالمي وممثلين عن شركات الطيران مثل لوفتهانزا والفنادق مثل ماريوت وغيرهم. لم يكن اختيار اسم فيروس كورونا ليكون محور الدراسة الشيء الوحيد المطابق لما يحدث اليوم، بل حتى الفواصل الإخبارية التي تم اختيار حروف شبكة أمريكية شهيرة (CNN) تنقل الأخبار المستعجلة، بأرقام مشابهة تمامًا لما يحدث، فقد ظهر المذيع (التمثيلي) ليعلن انهيار أسواق المال، وتوقف حركة الطيران، والحجز المنزلي في لقطات لا يمكن تفريقها عن الواقع الذي نعيشه.
(يمكن متابعة ملخص هذه الاجتماعات على اليوتيوب لمعرفة دقة تنبؤات الباحثين بالآثار التي حدثت فعلاً).
السؤال المحير: إذا توصل العقل البشري وبشكل علمي لدراسة كل الأضرار التي من الممكن أن تحدث، فلماذا البطء في اتخاذ الخطوات العلاجية؟
لا شك أن الهدف من الندوة هو التحضير لجائحة افتراضية عن طريق العصف الذهني ليتم التحضير بشكل «علمي» و»عملي» بحيث يتم تفعيل الخطوات اللازمة للتجاوب فيما إذا حدثت الجائحة العالمية بالفعل.
لقد ضرب الفيروس كما نرى هذا العالم بالفعل ولم يستفد أحد من آراء هؤلاء الباحثين وما تم التوصل إليه أو التوصية به من مقررات. فإذا كان العالم قد خسر نتيجة ذلك البحث العلمي، فهل يخسر ما يمكن إصلاحه في هذا العالم؟
فرغم وجود الشك العلمي، (بعيدًا عن نظرية المؤامرة وغيرها) وقيام علماء من قبل مؤسسات علمية مرموقة بالبحث فيما يجب عمله عن اجتياح الوباء للعالم، وهو ما يحدث الآن بالفعل، إلا أن جميع ما تم مناقشته لم يدخل حيز التنفيذ.
فهل أصبح العالم بعيدًا ومنفصلاً ومتفككًا رغم وضوح قنوات التواصل وقربها، وهل أصبحت الندوات كثيرة لا تحصى، ولذلك لا تدخل القرارات حيز التنفيذ؟
لقد شد انتباهي غضب أحد الضيوف على محطات التلفزيون الأمريكية لعدم قيام أمريكا بدور قيادي خلال هذه الأزمة، وإشادته بمبادرة المملكة لعقد المؤتمر G20 الافتراضي مما يؤكد الدور القيادي للمملكة في إدارة هذه الأزمة ليس محليًا فقط، بل على مستوى العالم.
إن الجهد المبذول من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، في قيادة الأزمات العالمية لم يعد مجرد رأي فقيادة سموه لأزمة الطاقة والأزمات السياسية وأخيرًا تنفيذ خطوات جبارة في هذه الأزمة الطبية لا يخفى على أحد.
سيستمر العالم في جمع الآراء ونسج الروايات والقصص حول هذه الأزمة الخطيرة لمدة طويلة من الزمن، ولكن مما لا شك فيه، الذي لا يمكن أن يختلف عليه اثنان من أبناء هذه البلاد هو شكره لله على نعمته الكبرى وعلى انتمائه لهذا الوطن في ظل هذه الحكومة الرشيدة.