هناك حصيلة واسعة من العبارات والأقوال، قيلت على ألسنة بعض الإعلام والمشاهير، وكان لها أثر في هذا العالم، سواء في الماضي أو الحاضر، وتوصف على أنها أقوال في الحكمة، نراها اليوم تطرح في واقعنا اليوم بشكل كبير. وهناك من يصنف تلك الأقوال على أنها من الحكمة ممن ثقافته سطحية، وكذلك بعض مَن ينتسب إلى الطبقة المثقفة التي تطوع هذا القول أو العبارة وفق هوى الفكر والتوجه.
لو عدنا إلى مفهوم الحكمة وتعريفها الصحيح لوجدنا أنه يقوم على الإصابة في القول والفعل، أي إنها لا تنحصر على القول، بل لا بد من اقترانها بالفعل. وهذا يعد بحق التأصيل الحقيقي لمعنى الحكمة. وهي هبة من الله، وغير مكتسبة، منحها الله للأنبياء وبعض الصالحين، وهي تتقدم على العلم. ولعل النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - خير مثال؛ إذ جمع بين القول والفعل، وهو إنسان أمي؛ لهذا لا يمكن الحصول عليها خلال التبحر في العلم النظري المختلف الذي يقوم على الحفظ واسترجاع بذهنية وذاكرة قوية، تجعل من هذا المتعمق في العلم يجيد إلقاء الخطب ببلاغة جذابة ومبهرة للعقول، ويفتقر أحيانًا إلى حصافة ورصانة وفطنة وذكاء ودهاء وسرعة بديهة، وهي التي تمثل قمة الجودة في الرأي. وهذا ما نشهده في واقعنا الحاضر الذي تنوعت فيه وسائل الإعلام، وزاد تأثيرها على نحو كبير، ولم يعد هذا التأثير في حيز ضيق، بل أصبح شاملاً، يصل الكلمة والحدث والموقف في وقت قصير جدًّا، يتناقله أفراد المجتمع، ويعتبرونه من الحكمة، بينما هي في الحقيقة قول وفعل مجتمعه مع بعض، وتجعل مَن يتميز بها ذا قدرة فائقة على التعامل مع المواقف المختلفة.