د.عبدالعزيز العمر
التربية الوطنية هي اليوم على المحك من أجل تقرير مدى نجاحها في تحقيق أهدافها الجميلة. قبل ما يقارب عقدين من الزمان تم لأول مرة، بمبادرة من المرحوم معالي الدكتور/ الرشيد، إدخال التربية الوطنية في برامج ومناهج تعليمنا.
ولقد صاحب إدخال هذا المقرر جدل تربوي واسع، وتلكؤ من البعض حيال تدريس هذا المقرر الجديد، باعتباره سوف يضيف عبئًا تدريسيًّا جديدًا على المعلمين، وباعتبار أن مفاهيم الوطن والوطنية موجودة أصلاً في مناهج التربية الإسلامية وغيرها.
لكن الوزير كان قد حزم أمره، ومضى في هذا الشأن رغم المقاومة الشرسة.
اليوم، وبلادنا تمرُّ بجائحة كورونا الدولية، نبقى في أمسّ الحاجة إلى أن يتفهّم المواطن دوره المفصلي في تجنيب بلاده شرّ هذه الآفة، وشرّ كل عدو يتربص بوطنه.
اليوم، وبعد مُضي عشرين عامًا على تدريس التربية الوطنية، يفترض أن تكون هذه المادة قد أسهمت في تعميق انتماء المواطن لوطنه، لكن الواقع يقول إن ما نراه اليوم على الأرض لا يدعم بصورة مُرضية تمامًا هذا التوجه الوطني النبيل.
مشكلة التربية الوطنية هي مثل مشكلة العلوم والرياضيات وغيرها من المقررات. المشكلة تكمن تحديدًا -للأسف- في أن مفاهيم ومحتوى التربية الوطنية لا يزال معزولاً عن حياة الطلاب، وخلوها من أي أنشطة، بل تُقدَّم لطلابنا باعتبارها مجرد رصيد من المعلومات الجافة التي يراد للطالب أن يخزنها في دماغه لغرض اجتياز الاختبار.
كان يفترض بالتربية الوطنية أن تعرِّف الطالب بدوره في بناء مجتمع أكثر تحضرًا، وتعلمه كيف يحترم قوانين بلده، وسلطة حكومته؛ فالطالب الذي لا يحترم سلطة معلمه ولا قوانين مدرسته لن يحترم غالبًا قوانين وطنه وسلطة حكومته.