سئل الشاعر الأرجنتيني (خورخي بورخيس) ما فائدة الشعر..؟؟
أجاب بورخيس:
(هذا سؤال سخيف، كمن يسأل ما فائدة الغروب، ما فائدة منظر البحر، ما فائدة جمال الطبيعة).
يقول أحد الأدباء: (إذا كان فن الرسم تصويراً صامتاً، فإن الشعر تصوير ناطق)..
عليه لا شك أن الشعر تعبير إنساني، وهو فن تعبيري على اللسان ورسم بالكلمات على رأي نزار قباني. يفضي بخيالاتنا في رحاب الحياة. يبدد آلامنا ويفتت معاناتنا كما قال أحد الشعراء:
(أحلى القصائد ما تروي معاناتي..
خلي (قفا نبك) خلي (الأصمعيات)
صبي جمالك روحًا فوق قافيتي..
يا قبلة الشعر في الماضي وفي الآتي).
فالشعر هو كلام الكلام وصفوته، كما قال الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي (وما الشعر إلا نثارة من الدر ينظمها الشاعر شعراً، وينثرها الكاتب نثراً). فالشعر هو لغة اللغات، وهو اللغة التي كلم الله بها العالم.
عرف الإنسان الأول الشعر وتغنى به عبر الألياذات القديمة، ونحته على صخور الجبال..
فالشعر لغة لا تنام، ولولا القصيدة العظيمة ما انتفضت الأحلام من تحت الرماد، ولا تحولت الكلمات في فم الشعر إلى طاقة جمالية وإبداعية كما قيل.
بالشعر نتحدث عن أحلامنا، عن حبنا، عن حزننا، عن حريتنا.
فالإنسان كائن شاعري بطبعه، تسمو روحه إلى الشاعرية في فكره ولغته.
فالصوت الشعري هو الصوت الصادق المعبر عن الذات، والمستفز لمشاعرنا كلما حمحمت صناجته فينا كما قال الشاعر ناجي حرابة:
ما حمحمت في مهجتي صناجة..
إلا و هرول في دماي قصيد
فإذا نطقت تبعثرت بي أنجم..
و إذا صدحت ترنح الغريد.
فالشعر هو احتفاء بالحياة بكل تفاصيلها، فهو دائم الحضور في كل مشاعرنا وكلامنا، نحاكي به أحلامنا وآمالنا ونعبر به عن واقعنا..
بالشعر تنمو اللغة وتتجدد بها الحياة، فالأمة التي لا تحتفي بالشعر ولا تهتم بشعرائها تموت لغتها وتندثر كما في كثير من اللغات لفها غبار الزمن واندرست في طيات النسيان.. وهذا بعض مما قاله شاعر الجزائر الكبير/ مفدى زكريا:
دنياهم دنس الأطماع حرمتها..
و الشعر كالوحي أصفانا فزكانا
إننا الشعراء الناس ! ما فتئت..
أرواحنا تغمر الإنسان إيمانا
** الشعر وعاء اللغة.
** **
- محمد الشقاق