في الأسابيع القلائل الماضية وبسبب وباء كورونا (كوفيد 19) اجتاح الشعب الأمريكي حالةٌ تُسمّى: شراء الهلع (Panic buying)؛ حيث ازدحمت متاجر المواد الغذائية بالناس وبما يُسمَّون (هوردرز/hoarders) الذين يشترون العديد من المنتجات بكميات كبيرة جداً ليكنزوها في بيوتهم. تسببت هذه الحالة بشُحٍّ في الموارد وخُلُوِّ أَرفُف المتاجر من الكثير من المنتجات الغذائية وبعض الأدوية وخافضات الحرارة والمسكِّنات والمنظِّفات، كما نفدت المناديل والمعقِّمات؛ فأصبح الكثيرون -وأنا منهم- يعانون من إمكانية الحصول على كثير من الاحتياجات الأساسية. وكمحاولة للحد من هذا المشكلة اضطرت بعض المتاجر لفرض قيود على الشراء وتقنين البيع بحيث يسمح لرب المنزل بشراء كمية محدَّدة جداً من الصنف، مثلاً: دجاجة واحدة لكل عائلة -وليس لكل فرد-
فيا ترى ما أسباب هذا الذعر المتفشِّي بين الشعب الأمريكي؟
الحقيقة هي معالم الإخفاق المتكرِّر للنظام الرأسمالي في إدارة مثل هذه الأزمات؛ لأنه نظام يرتكز على مبدأ الفردية المطلقة التي أصَّلت في الشعب الأمريكي ثقافة أنَّ كل فرد مستقل مسؤول عن نفسه ولا تتكفَّل الحكومة ولا حتى الأسرة ولا أي شخص بتوفير أبسط احتياجات الحياة الكريمة.
فنشأ الفرد على عدم الثقة بحكومته وبمَن حوله، وطغت الأنانية والمادية على حياته، واعتنق العمل مذهبًا يعيش لأجله. وقدَّم المصلحة الشخصية على مصلحة الجماعة والعامَّة.
ومما يزيد الأمر تعقيدًا أن الاقتصادات الحديثة قائمة على ثقة المستهلك التي سرعان ما تُفقد في ظل الأزمات تحت مظلة الرأسمالية، وذلك لإيمان الفرد بأنه ليس للحكومة صلاحية مطلقة في السيطرة والتدخل في التجار وسوق العمل؛ والتي ظهرت على أثرها الطبقية واستغلال العمال بسبب السوق المفتوح والأسعار الحرَّة؛ مما أدى إلى تمركز الثروة في أيدٍ قليلة من المجتمع؛ فنتجت عنه أزماتٌ اقتصادية وتزايُدُ حجمِ البطالة!
والآن ومنذ بداية أزمة كورونا بدأت أزمة خسارة الوظيفة في سوق العمل الأمريكي والتي تصدَّرت عناوين الصحف، حيث فقد إلى هذه اللحظة ملايين من الأمريكيين وظائفهم، وفقدوا معها التأمين الطبي ففقدوا حق الرعاية الطبية خصوصاً أنه لا توجد مستشفيات حكومية تقدِّم رعاية طبية بلا مقابل، لطالما كان حق الرعاية الطبية للمواطن مَلَفًّا مُعلَّقًا يلوِّح به كل منتخب للرئاسة وتعلو أصوات الوعود التي لم تر النور ... فما زال ثلث الشعب الأمريكي بلا تأمين صحي، وفُرص حصولهم على الرعاية الطبية اللازمة غير مضمونة. هذا الفشل الذريع في تعامل كثير من الأنظمة والحكومات مع جائحة #كورونا في تأمين حق الرعاية الطبية والوقائية للمواطن وللمصابين، وحق حفظ التوازن في سوق العمل، وحق توفير الغذاء والاحتياجات اللازمة ستكون مادة دسمة للرد على أي سؤال فيه ادّعاء باطل عن حقوق الإنسان في السعودية ...ورد على كل من يريدون فرض الديمقراطية الزائفة.
** **
- رفيدة آل حمد
@rufaidah_