أ.د.عثمان بن صالح العامر
من أصعب الأمور تغيير الصورة الذهنية التي استقرت ورسخت عند الإنسان وتشرَّبها عقله فأصبحت من المسلَّمات التي عقد عليها قلبه وجزم بها، والأصعب إذا كانت هذه الصورة تغذَّى وتعزَّز في كل مناسبة وعند كل حدث من قبل الساسة والمفكرين الموثوق بهم لدى شعوبهم والاتباع، خاصة إذا كان هؤلاء المنظرون يدعمون تحليلاتهم واستنتاجاتهم واستشرافاتهم بالأدلة والشواهد الحيَّة التي هي من صنيع المنتمين لديننا وربما بلادنا للأسف الشديد ومن ثم تعميمها على المسلمين وقد يخصون بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية بها. واليوم عرف العالم كله من خلال متابعته اللصيقة لما يحدث جراء زحف فايروس كورونا لكل دول الكرة الأرضية:
- عرف ماذا يعني أن تكون مسلماً تتسم بالوسطية، وتتبع سنة رسولك -صلى الله عليه وسلم - في النظافة والطاعة والانصياع التام لما يصدر من أوامر من قبل ولي الأمر حتى ولو كانت تتعارض مع مصالحك الشخصية، فالمصلحة المجتمعية مقدَّمة على المصلحة الفردية في الإسلام؛ وطاعة ولي الأمر واجبة ديانةً والتزاماً.
- عرف قيمة الإنسان في ذهنية قادة معقل الإسلام، هذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية.
- عرف أننا لسنا بلاد تزمّت وتطرف وإرهاب، بل أرض إسلام وسلام وأمن وأمان، أصحاب قلوب رحيمة، وأياد بيضاء، وإنسانية عالية.
- عرف أننا ننتمي لدين سماحة ويسر، صالح لكل زمان ومكان وظرف وحال، فيه كل ما هو خير للبشرية جمعاء.
- عرف أن إسلامنا يأمر الواحد منَّا بأن يسعى لمد يده الطاهرة البيضاء لكل محتاج حتى ولو كان في وقفته معه مخاطرة بنفسه وبذل لجهده وإهدار لوقته، فها هم أبناء المملكة العربية السعودية (المسلمون) في فرنسا يضربون أروع الأمثلة في البقاء مع الطاقم الطبي يباشرون علاج المصابين بالفايروس هناك. الأمر الذي دعا السفير الفرنسي لدى المملكة، (فرانسوا غوييت) أن يوجه بنفسه رسالة شكر وعرفان إلى هؤلاء الأطباء، فهم على حد قوله (ضربوا صورة جميلة في معنى التضامن واختاروا البقاء دون تردد، البقاء إلى جانب الشعب الفرنسي.
وقال في ختام مقطع الفيديو الذي ذاع وانتشر سريعاً بين الناس: إن شجاعة الأطباء السعوديين أمر رائع، معربًا عن شكره للمملكة والأطباء على جهودهم، مضيفًا: «عاشت الصداقة الفرنسية السعودية»).
إن هذا الموقف أبلغ من ألف كلمة وخطبة ومؤتمر وسيكون له ولما ماثله من مواقف مشرِّفة أبدع ويبدع في نسج خيوطها أبناء هذا الوطن المبارك المملكة العربية السعودية دور رئيس في بناء صورة ذهنية صحيحة عن ديننا،عن بلادنا، عن قيادتنا، عن رموزنا، عن علمائنا، عن إنساننا، فحييتم أطباءنا، وشكراً على صنيعكم، وسيذكركم التاريخ. سيكون لكم دور رئيس في نقل صورة الإسلام الحقيقية لا المشوّهة التي للأسف الشديد لعب الإعلام الغربي وعدد من الكتَّاب والمفكرين المؤدلجين الحاقدين على ترسيخها وتعميمها لدى الشارع الأوروبي والأمريكي على وجه الخصوص، فأنتم بما قمتم به تجدِّدون فعل التجار المسلمين يوماً ما في دولة الصين، لكم منا الثناء والدعاء وتقبلوا صادق الود، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء. والسلام.