منذ أول إصابة بمرض كورونا في الصين وانتشاره ونحن أمام كم كبير من المعلومات والنصائح والرسائل التي تصل هاتفنا، والتي لا تخلو من الكوميديا «السوداء» في وصفات سحرية لتجنب الإصابة بها متناسين أن هناك مختبرات بها علماء وتجهيزات كلفت مئات الملايين لبحث تركيبة هذا الفايروس لاختراع علاج للتعامل معه وتخفيف آثاره ولم يتوصلوا بعد إلى نتائج حاسمة وفعالة لعلاجه، بينما تصلنا عشرات الرسائل عن علاج فعال لعدم الإصابة بالفايروس لا تخلو من اليانسون والكمون والزنجبيل والفلفل الأسود وزيت الزيتون وقليل من الفلفل الأخضر والثوم وكأنك أمام تحضير تتبيلة للفول لا يقبل بها محل الفول لأنه يراها اعتداء سافر على سر المهنة لأن لكل محل تتبيلته السرية الخاصة.
ونتيجة تهافت وسائل الإعلام على تغطية هذا الحدث لجأت إلى أقرب متعاون معها واستضافت أطباء للحديث عن هذا الفايروس وإعطاء النصائح، وأغلب وسائل الإعلام وقعت في خطأ استضافة غير مختصين بعلم الأمراض المعدية أو الأمراض التنفسية ويكفيها لقب طبيب متناسية أن المعلومة لا بد أن تكون من مختص لتكون الرسالة إيجابية وفعالة، فأصبحنا أمام كم كبير من المعلومات لا يعرف المتلقي العادي مدى دقتها في تهويل من بعضهم بسرعة انتشار هذا الفايروس ومن طمأنة أهل الاختصاص أن هذا الفايروس في معدلاته الطبيعية لكنه أخذ بعدا أكبر لانتشاره في وسائل التواصل الاجتماعي.
ألم يحن الوقت للاستفادة من التجارب الإعلامية الماضية بأنها أتاحت الفرصة لغير المختصين بالحديث والتنظير والتحليل في الاقتصاد والرياضة والشأن العام، فغدت الساحة مليئة بالمحللين في مختلف المجالات وأفرزت ثقافة ضحلة وتحليل سطحي للأحداث وإن كان مقبولاً «إلى حد ما» في الرياضة أو المطبخ لأن المتلقي ضررها محدود خاصة على المدى القريب، لكن عند الحديث عن الأمراض والعلاجات والوقاية منها نحتاج إلى وجود مختص في ذلك ولا يكفي أن يكون طبيبا بل لا بد أن يكون تخصصه مناسبا عن الموضوع فلا يمكن إحضار طبيب قلب للحديث عن تسوس الأسنان.
لذا لنحرص جميعا على أخذ المعلومات من أهل الاختصاص بعيدا عن الإشاعات وتداول القصص والرسائل ولنطبق مانقوم به عند الرغبة في أكل الفول بالذهاب لمطعم فول وليس لحم وسؤال أهل التجربة عن رأيه في تتبيلته ولا مانع من أخذ نصيحته فضررها بضع ريالات وعدم إكمال الصحن إن لم يعجبك، فلكل واحد مزاجه الخاص في الأكل ولكن في العلم خذ المشورة من أهل الاختصاص فهي ليست تسللا أو ضربة جزاء نحللها حسب الميول والأهواء وتأكد أن فيروس «كرونا» له تتبيلة خاصة أي علاج ولكنه لم يكتشف بعد وهو طور البحث والدراسة حسب منظمة الصحة العالمية فلا تصدق أن تتبيلة أبو زكي علاج فعال لهذا الفايروس ولكن يمكن اعتبارها تتبيلة مناسبة لصحن فول بسعرات حرارية عالية تشعرك بالشبع وليس مضادا حيويا أو علاجا ضد الفايروسات.