ضرب فيروس كورونا المتجدد (كوفيد-19) كل دول العالم، وسبَّب الذُّعر بين الجميع، وسرى كالنَّار في الهشيم، وأُصيب مئات الآلاف بالعالم بهذا بالفيروس، وحتى الدول التي كُنَّا نرى جميعاً أنها بلغت من التقدُّم ما لم يبلغه أحد لم تنجُ منه، ولم تشفع لها ترسانتها العسكرية والنووية، ولا تكنولوجياتها وسُفُنها التي جابت بها الفضاء، ولا حاملات الطائرات العملاقة، وظهر الوجه الآخر للدول المتقدمة حيث تستولي على الكمامات والمعـقمات والأجهزة الطبية والمساعدات الإنسانية التي أرسلت لبعض دول أوروبا التي استشرى فيها الوباء وأصبحت الكلمة -بعد الله- لفيروس كورونا ذلك المخلوق مُتناهي الصِّغر.
لم تكُن بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية بمعزل عن كورونا، -للأسف- وما زلنا نعيش تلك اللحظات ولكن بشكل مُختلف، ولله الفضل والمنَّة حيث قامت الدولة باتِّخاذ جميع التدابير والاحترازات وتحدث خادم الحرمين الشريفين مع مواطنيه وبكل شفافية ووضوح وبين أنه اتخذت كافة الإجراءات الاحترازية، وبدأ ذلك منذ علمهم بظهور المرض في الخارج، وكان الجميع على أُهبة الاستعداد لنجدة المُواطنين والمقيمين على حدا سواء، والحيلولة دون تفاقُم الوضع نحو المجهول. حيث أظهرت هذه الأزمة أبطال إدارة الأزمات من وزارة الصحة ووزارة التجارة.
لقد حقَّقت المملكة العربية السعودية رقماً صعباً في التفوُّق على كثير من دول الصفِّ الأوَّل حيث شملت الإجراءات جميع الأصعدة، سواءً الإنساني أو المستوى الاقتصادي، أو الاجتماعي، أو الديني، وعلينا أن نفخر بوطننا، فهو بالفعل كبير وعظيم، وذلك ليس من قبيل المُجاملة، بل هو بالفعل ما حدث، ولا يزال يحدث على أرض الواقع، هذا الوقت سيمضي وسيأتي اليوم الذي نحكي فيه للأجيال ما حقَّقناه، وكيف أننا توكَّلنا على الله، وتحلَّينا بالصَّبر، والجَلَد، والقُوَّة، والإيثار، وقُمنا باتباع جميع التعليمات التي صدرت لمحاصرة هذا الوباء وهذه الجائحة، وأخذنا بالأسباب.
هذا المر سيمر وغدًا ستشرق شمس جديدة، تجربة جديدة لنا من خلال قرار حظر التجول جميعاً عدنا إلى أنفسنا وأسرنا وكنا إلى الله أقرب. سوف يذهب كورونا إلى حيث لا رجعة -بإذن الله وقدرته-، وسيتوجَّه المصلون والمعتمرون إلى بيت الله الحرام في مكة وإلى مسجد رسول الله في المدينة وإلى جميع المساجد على امتداد الوطن، وسيذهب الطلاب والطالبات إلى مدارسهم وجامعاتهم التي صار لها اشتياق من نوع آخر، والموظف والعامل إلى عمله، وستفتح المحالات ومراكز التسوق والشركات والمؤسسات، وستدور عجلة الاقتصاد، وستعود أواصر الحياة الاجتماعية كما كانت، وسنجتمع، ويسمع بعضنا البعض، ونُلقي بالحكايات والضحكات والروايات، سوف يصبح لدينا جيل قوي بعزيمته.
نحو (مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر، ووطن طموح) وقيادة شابة استطاعت رغم كل ما يدور حولنا من أزمات من كل اتجاه أن تدير ذلك بكل اقتدار وحكمة ومشاركة وشفافية سوف يكون لدينا -بإذن الله- اكتشافات علمية وطبية وتجارب تؤهل الإنسان السعودي ليكون في مصاف العالم الأول، وسوف (نلهم العالم) بذلك، وسيُصبح كورونا (كوفيد-19) بمثابة تجربة وخبرات اكتسبناها، وجعلتنا أكثر قُوَّة، وسنخرج منها بدروس تجعلنا أكثر حكمة وعلمًا، وبالفعل أنا مُتفائل، وأدعو الجميع للتطلُّع نحو غد رائع -بإذن الله-.