جاء وباء كورونا، وأوقف آلة التلوث في الهواء من قِبل وسائل النقل المختلفة، ومن المصانع والمعامل، وعطل حركة البشر في أصقاع الأرض، وأجبرهم على الركون إلى منازلهم مكرهين، تساورهم الحيرة في عدم القدرة في مواجهته بسرعة تفشيه، وحصد الأرواح. ومع شراسته إلا أنه أعطى الكرة الأرضية نعمة، كانت في أمسّ الحاجة إليها. لقد كانت تئن فترة طويلة من تلوث بيئي، واحتباس حراري خطير، ناتج من أدخنة وأبخرة وعوادم مختلفة، كانت تحذِّر منه الكثير من المنظمات والهيئات الدولية، ولكن بدون جدوى؛ لأن هناك الكثير من الشركات التي يغلب عليها الجشع والطمع المادي الذي أوجد بيئة ملوثة، أصبحت آثارها لا تقتصر على الهواء والغابات والأنهار، بل وصلت آثارها إلى الإنسان نفسه من خلال أمراض أصبحت تهدد حياته. ولعل السرطان هو نتاج هذا التلوث من هذه الأمراض، الذي رغم الأبحاث والمكافحة إلا أنه لا يزال مستعصيًا على العلاج.
لقد توقف هذا التلوث إجباريًّا بفعل هذا المرض الفتاك؛ فأصبحنا نتنفس هواء نقيًّا بعدما تخلصنا من هذا التلوث الذي رأينا أثره من خلال التصوير الفضائي في بعض مناطق الإنتاج الصناعي، سواء كان في الصين أو أوروبا، ومدى انبعاث الغازات والدخان، وانتشارها في مساحات واسعة في الطبقات العليا من الأرض؛ لذلك رغم فداحة الخسائر الاقتصادية الهائلة التي خلفها هذا الوباء إلا أنه جاء لكي نصحو، وننتبه إلى خطر التلوث المدمر الذي هو من صنع أيدينا، الذي يقوم على توفير الرفاهية لنا، ولكن على حساب صحتنا؛ لهذا نقول (رُبَّ ضارة نافعة).