لقد أصبحت بلاد الحرمين الشريفين ولله الحمد محط أنظار العالم وإعجابهم بعد قراراتها التاريخية للوقاية من انتشار فيروس كورونا.. وهذا ليس بمُستغرب على بلد يستقبل أكثر من 25 مليون حاج ومعتمر سنوياً وينجح في خدمتهم.. وبإذن الله سينتهي هذا الفيروس إلى زوال ويصبح ذكرى، فنحن أمة المُبشر محمد -صلى الله عليه وسلم- يربطنا الدين والولاء والنخوة، وشعبٌ يشكر قادته ونقسم على التعاون مع كل القرارات الصادرة.
وبإذن الله نستطيع تجاوز هذه الفترة، ويوماً ما سنذكر بكل فخر للأجيال القادمة كيف كنا مترابطين وعلى خطى الحق نمضي لتبقى هذه الأرض شامخة.. وسنستقبل جميعاً شهر رمضان مبتهجين مطمئنين بحول الله وقوته، (من لا يشكر الناس لا يشكر الله) ولا أحد ينكر جهود معالي وزير الصحة الأخ توفيق الربيعة وما يقدمه من عمل متواصل ومتابعة مستمرة يستحق عليها الاحترام والثناء والتقدير ولا أنسى هنا جهود كل العاملين بوزارة الصحة فكنتم على قدر المسؤولية فلكم منا كل الشكر والاحترام.
فكان الاهتمام على أعلى مستوى في المملكة، حيث اتضح ذلك من خلال كلمة الملك سلمان خادم الحرمين الشريفين باستمرار الإجراءات الوقائية لمواجهة كورونا، وقد شملت كلمته -حفظه الله-، مساء يوم الخميس، بالإضافة إلى المصارحة الكبيرة حول الواقع والمأمول بشأن أزمة فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، تأكيد الملك على عدد من الثوابت والخطوط الحمراء للمملكة، كان أولها اهتمام الملك سلمان بالتأكيد على أن المملكة جزء من هذا العالم، وأنها ليست بمنأى ولا تعمل بشكل منفرد، لذلك بادرت ودعمت المنظمات الدولية المعنية، وساعدت الدول التي تعاني من الجائحة، وإن ذلك يعبر عن شعور إنساني بليغ ورسالة واضحة للعالم.
كما أظهرت الكلمة أولوية خادم الحرمين الشريفين التي تتمثل في صحة الإنسان وكرامته، وأن الدولة لا تألو جهدًا في الحفاظ عليها، وقد كشفت الجميع بأنه لا تهمها التكاليف والآثار المادية بقدر حرصها على حفظ النفس البشرية أولاً، وهو ما ظهر في الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية التي اتخذتها حكومة المملكة على مدار الأيام الماضية.
وأكدت كلمة خادم الحرمين الشريفين أنه لا يوجد أيّ تساهل أو تراخٍ في مسألة توفير الغذاء والدواء، ومما يدل على ذلك عدم ظهور أيّ مظاهر تزاحم أو تدافع في الأسواق؛ حيث وجهت القيادة بتوفير احتياجات الناس والحرص عليها، ومارست الجهات التنفيذية دورها الرقابي لتأكيد ذلك، والحرص على وفرة الاحتياجات الضرورية والمتطلبات الأساسية في متناول المواطنين والمقيمين، وعدم حدوث أي خلل في إمدادات الغذاء والدواء والاحتياجات المعيشية أو مساس بأسعارها.
ومما قاله الملك سلمان في كلمته: «أؤكد لكم حرصنا الشديد على توفير ما يلزم المواطن والمقيم في هذه الأرض الطيبة من دواء وغذاء واحتياجات معيشية، إن القطاعات الحكومية كافة، وفي مقدمتها وزارة الصحة، تبذل كل إمكاناتها لاتخاذ التدابير الضرورية للمحافظة على صحة المواطن والمقيم».
ووجه شكره للحكومة، قائلاً: «نشكر كل الجهات الحكومية على جهودها، ونخص العاملين في المجال الصحي، أولئك الذي يقدمون جهودًا جليلة للمحافظة على صحة المواطن والمقيم، باذلين نفوسهم في مواجهة هذه المرحلة الدقيقة، نؤكد أن مواصلة العمل الجاد في هذا الوقت الصعب، لا تتم إلا بالتكاتف والتعاون ومواصلة الروح الإيجابية وتعزيز الوعي الفردي والجماعي، والالتزام بما يصدر من الجهات المعنية من توجيهات وتعليمات وإرشادات، في سبيل مواجهة هذه الجائحة».
ولم يكن الاهتمام فقط على المستوى الداخلي ولكن امتد أيضاً إلى خارج المملكة، وكما اعتاد الجميع فعلى المستوى العالمي أجرى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اتصالاً هاتفياً، بالرئيس الصيني شي جين.. حيث أعرب الملك سلمان خلال الاتصال عن مشاركة السعودية للصين مشاعر الألم، نتيجة تفشي فيروس كورونا، معرباً عن تعازيه لأسر المتوفين وتمنياته للمصابين بالشفاء العاجل.. مشيراً إلى ثقة المملكة في قدرة الحكومة الصينية في التعامل مع آثار هذا الفيروس. من جهته أكد الرئيس الصيني على شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين على اهتمامه ودعمه القوي لمكافحة هذا الفيروس.
وعلى الصعيد الإنساني فقد وجه أيضاً مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بشكل عاجل بتقديم مساعدات للصين، بما يسهم في تجاوز آثار فيروس كورونا. ولقد استشعرت قيادتنا الرشيدة مسؤوليتها تجاه العالم باعتبار مملكتنا الغالية هي رئيسة قمة دول العشرين لهذا العام 2020 فدعت إلى قمة استثنائية لقادة مجموعة العشرين حول فيروس كرونا بهدف تكثيف الجهود الدولية لمكافحته.. فاللهم بارك في جهود خادم الحرمين وولي عهده الأمين والشعب السعودي العظيم.
ولقد شهد العالم أجمع وبأعلى المستويات اهتمام وعناية حكومتنا الرشيدة من أجل مواجهة هذا الفيروس الخطير، فنجد أن منظمة الصحة العالمية كشفت أن حكومة خادم الحرمين الشريفين قد أخذت فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية على محمل الجد، وأن وزارة الصحة قد شرعت فعليّاً في اتخاذ العديد من الخطوات الحثيثة والفعالة تجاه تعزيز الصحة العامة، نذكر منها تكثيف إجراءات الترصد الوبائي، والبدء في التحري حول هذا المرض، وتفعيل النشاط البحثي في هذا الشأن، وكذلك اتخاذ تدابير الوقاية والمكافحة.
وأشادت هذه المنظمة بالخطوات الجادة المتخذة من قبل المملكة العربية السعودية لحماية شعبها، وكذلك الخبرة والمعلومات التي أمكنها اكتسابها وتراكمها فيما مضى وجعلها في مقدمة الدول المكافحة لفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية؛ ما سيكون لها أطيب الأثر في مكافحة المرض في سائر البلدان حول العالم.
وقالت المنظمة في بيان صحفي أصدرته حول فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية: «إن ظهور هذا الفيروس المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (كورونا) يلقى اهتماماً عالمياً؛ كونه أحد التحديات الرئيسة التي تواجه كل الدول المتأثرة بهذا الفيروس، فضلاً عن سائر الدول في جميع أنحاء العالم، وهو الأمر الذي دعا وزارة الصحة بالمملكة العربية السعودية إلى الاعتراف بخطورة هذا التحدي، وطلب المساعدة من منظمة الصحة العالمية لتقييم الوضع وتقديم المشورة والتوصيات التي من شأنها الإسهام في التصدي لهذا الفيروس، وإنه ليسعد المنظمة أن تأتي إلى هنا للتعاون مع المملكة العربية السعودية».
حفظ الله مملكتنا الحبيبة قيادة وشعباً،،،
* * *
- عضو الجمعية السعودية للعلوم السياسية