فيروس كورونا (كوفيد-19) وباء جائح أصاب العالم كافة بالذعر والهلع والخوف والقلق، ولأول مرة في تاريخ البشرية يأتي وباء وينتشر ويفتك بشكل عاجل وسريع صدم وأربك الجميع، وحير وأعجز مراكز البحوث الطبية، وكبرى الشركات الدوائية في مختلف دول العالم على إيجاد اللقاح والعلاج المناسب، والذي قد يتطلب وقتا طويلاً، لا يقل عن سنة، ناهيك عن عدم توفر أدوات التشخيص والاختبارات اللازمة بشكل كافي وفعال، في وقت يتزايد أعداد ضحاياه بشكل يومي يزيد من المخاوف، ويضاعف الخسائر البشرية.
لقد تصدر فيروس كورونا بلا منازع، بكل جدارة واستحقاق المشهد الإعلامي، وتسيده بقوة في كافة وسائل الإعلام الدولية المرئية والمسموعة والمقروءة، وشبكات التواصل الاجتماعي، لدرجة أصبح الفيروس حديث الناس، وعلى ألسنة الجميع، حيث تجاوز عدد المصابين عالمياً 200 ألف مصاب ومصابة، مع عشرات الآلاف من المتوفين، والعدد قابل للزيادة بشكل يومي، أكثرهم من أوروبا وأمريكا حسب ما أشار إليه المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، وتؤكده الإحصائيات.
فيروس كورونا شكل بالفعل أزمة دولية خانقة خطيرة الحق بجانب الخسائر البشرية الأضرار الاقتصادية الضخمة بلا رحمة ولا هوادة بكل الدول التي تفشى فيها، بجانب قدرته العجيبة على توقف الحياة الاجتماعية الروتينية بسبب حظر التجول المطبق في أكثر الدول مسبباً بذلك ركود وشلل غير مسبوق في الحركة التعليمية والثقافية والرياضية، وذلك خوفاً طبيعياً من انتشاره وتفشيه بين الناس في التجمعات والمناسبات والأماكن العامة، حيث لا يؤمن مكره، وقد يصعب السيطرة عليه إذا لم تتخذ الإجراءات الوقائية والاحترازية، والتي كانت المملكة العربية السعودية ولله الحمد من أوائل الدول في اتخاذها.
فيروس كورونا أعطانا دروساً يجب التنبه لها، وأهم درس هو الضعف الملحوظ الواضح والفاضح على المستوى الشخصي والمؤسساتي في مواجهة فيروس صغير جداً لا يرى بالعين المجردة، أيقض المضاجع، وألغى المناشط، وفرض إعداد ترتيب الحياة من جديد، وغير من أولويات واهتمامات الدول لحكمة نجهلها، لكننا يجب أن نؤمن بها، لأنها واقع نلمسه ونعيشه، ونرى ونسمع ونقرأ ما يتم اتخاذه على كافة المستويات والأصعدة لمكافحته، بل وعلى أعلى سلطة.
والدرس الثاني هو ضرورة التعاون والتنسيق في مواجهة أي وباء جائح على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وكذلك على مستوى الأفراد والجماعات والمجتمعات، فتضافر الجهود أمر مطلوب، ولعل اجتماعات الاتحاد الأوروبي، ودول قمة العشرين (أون لاين) تجسد وتؤكد أهمية هذا المطلب، فالتفرد في التعامل مع أزمة دولية قد لا يتحقق لها النجاح مهما كانت مكانة الدولة، حيث رأينا أضرار الفيروس تضرب أمريكا وأوروبا، وهم من الدول الصناعية المتقدمة في شتى المجالات.
والدرس الثالث ضرورة الاهتمام بالأبحاث الطبية، وتقديم الدعم الكامل لها، بالذات ما يتعلق بالفيروسات والأوبئة المعدية. والدرس الرابع تكثيف الاهتمام بالجانب الصحي من كافة النواحي، ودعمه بالكوادر البشرية والمستلزمات الطبية، وتوفير الأدوية واللقاحات بشكل كافٍ. والدرس الخامس ضرورة إعداد إستراتيجيات مسبقة للتعامل مع الأزمات، وإعداد الخطط للتخفيف من أضرارها ومضاعفاتها والاجتماعية والاقتصادية. والدرس السادس ضرورة إعداد الحملات الإعلامية التوعوية المكثفة والمستمرة لتنوير الجمهور وتوجيههم وتقديم النصائح والتعليمات لهم للتعامل مع الأزمة.
ختاماً: أسال الله العظيم رب العرش العظيم أن يوقف زحف هذا الوباء الفتاك على جميع الدول، وأن يحمينا جميعاً من أضراره، و يمتعنا بالصحة والعافية.