صبحي شبانة
هل ينهزم الجيل الحالي رغم التقدم الصحي الهائل أمام فيروس كورونا؟ مرت على الإنسانية أوبئة، وضربت البشرية كوارث، فتكت بالملايين، لكنها لم توقف حركة الحياة وديمومتها، الإنسان هو الكائن الوحيد في هذا الكون القادر على الخروج من البلايا أكثر قوة، الحياة أضافت للجنس البشري ولم تخصم منه، فالكوارث لا تدع للإنسان فرصة إلا للبحث عن طوق نجاة، المثل العربي يقول: الضربة التي لا تقتلك تقويك، والعين التي لا تبكي، لا تبصر.
فيروس كورونا ليس سوى مجرد حلقة في سلسلة متصلة من ابتلاءات الحياة التي تزيد الإنسان قوة وصلابة ومناعة، هناك محن ومصائب وأوبئة مضت كانت أشد فتكاً، وأصعب ألماً، وأكثر كلفةً، لكنها صارت خبراً، في المجاعات يصبح الخبز أولاً، ويزهد الناس في أي شيء حتى الغالي والنفيس، لا تختلف أدوات ودفاعات مكافحة الناس للأوبئة ومواجهة المخاطر ففي كل الأزمان الإنسان يبقى هو الإنسان، يبحث عن ذاته، ينقب في حياته، تسكنه روح التحدي، يفتش في عناصر القوة الكامنة لديه التي اختزنها الله فيه، تتوحَّد معه الطبيعة لتمده من بواطنها بالترياق، وتغذيه بالأمل، فما أجمل الحياة التي تمد الإنسانية بعطاءاتها، وتغنيه بمكنوناتها، وتغذيه بخبراتها.
تحفل سجلات التاريخ بالعديد من الكوارث والأوبئة والبلايا والمصائب حتى يظن المرء أننا أمام سيل ينهمر من عواصف وخطوب الحياة التي تحقنه بالمناعة، وتدفعه إلى التطور، وتعيده من الشطط إلى الصواب، فتسمو فيه الروح على الجسد، ويطفو الإيمان ويتجذَّر، ويتوحَّد الإنسان مع ذاته، ويدرك ما يتوجَّب عليه فعله، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يتعلَّم الإنسان من ضربات القدر؟ وهل بمقدوره أن يحمي نفسه من موجات الأوبئة؟ الجواب بالتأكيد يكمن في صيرورة الحياة، وتطور الجنس البشري، وتعدد أدواته، وكثرة حيله، وتخطيه وتغلبه على مختلف المحن، وتحويله لكل الانكسارات إلى انتصارات، الحياة تستحق منا تفانيًا وإخلاصًا والتزامًا أكثر، وأفضل وسيلة للتغلب على كورونا هو الالتزام بشعار «ابقوا في بيوتكم».