ذهلت عندما سمعت كلمة لكمال الخطيب أحد أئمة مساجد فلسطين المحتلة وهو يقول إن الحرمين الشريفين محتلان من آل سعود، أولاً أود أن أسأل ما المقصود بالاحتلال هنا هل هو احتلال الكافر لبلاد المسلمين كما يتبادر إلى الذهن فإن كان كذلك فإن هذا كفر والعياذ بالله، قال نبينا -صلى الله عليه وسلم- (من كفر مسلماً فقد كفر) وهذا من أفعال التكفريين -عياذاً بالله- الذين أضروا بأمة الإسلام أبلغ الضرر، مليار ونصف المليار من المسلمين يشهدون أن الحرمين في أيدٍ أمينة ترعاها وتبذل الغالي والنفيس من أجلها ولله الحمد، إن الحج والعمرة مفتوحان للأمة على مدار العام يتمتعون بهما وبالخدمات الجليلة التي تقدم لهما ولزائريهما وهم يشهدون لآل سعود بأن الحرمين الشريفين بلغوا القمة على مدى القرون فبناء الحرمين الشريفين يعتبر أثمن مباني العالم، حيث قدرت قيمته بـ(100 مليار دولار) وهذه شهادة من غير المسلمين والحق ما شهدت به الأعداء، ومن خلال عملي في تعليم القرآن الكريم برابطة العالم الإسلامي أكثر من (30) سنة اطلعت ولمست الكثير من جهود ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية، خاصة في خدمة الحرمين الشريفين وأذكر من ذلك:
آل سعود منذ عهد الملك المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله تعالى- تنافسوا في بنايته وتطويره على أحدث طراز، فتوسعة الملك سعود ثم توسعة الملك فهد، ثم توسعة الملك عبدالله ووقفه المجاور، والذي يعد أكبر وقف في العالم، وهذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- والذي استمر في التوسعة والرعاية والصيانة على أفضل وأجود مستوى، وأما المسجد النبوي الشريف فيكفي أن التوسعة الحالية والتي لم يشهد قبلها التاريخ دخلت فيها المدينة القديمة التي كان يسكنها الصحابة -رضوان الله عليهم-، فبيوتهم كلها فيها، فهي توسعة تاريخية ولا يزال هناك توسعات جديدة تعمل على قدم وساق، ولو أردنا أن نتحدث عن البناء وتفاصيله لطال بنا الحديث فيستطيع من يريد التوسع الرجوع إلى الكتب والموسوعات الكثيرة التي ذكرت تاريخ بناء الحرمين الشريفين، بل إن جهود آل سعود امتدت لترميم قبة الصخرة والمسجد الأقصى والتاريخ يسجل ذلك بحروف من نور.
وعن ماذا نتحدث عن الرخام الفاخر أم عن السجاد الغالي أم عن الإنارة المميزة أم عن النظافة الباهرة والمعدات المسخرة أم عن العدد الضخم من العاملين والعاملات في شتى التخصصات أم عن كسوة الكعبة المشرفة وغسل الكعبة وتطهيرها، ولم يكتف آل سعود بذلك بل أولوا الجانب العلمي حقه فهناك قناة تلفزيونية خاصة بالحرم المكي وقناة تلفزيونية خاصة بالمسجد النبوي تبث القرآن والسنة على مدى الأربع وعشرين ساعة، وبلغت دروس العلم في المسجد الحرام ما يقارب (1000) درس في العام ومئات حلقات التحفيظ، والتي تخرج آلاف الحفاظ لكتاب الله تعالى كل عام، واستفاد منها مليون وستمائة ألف طالب وطالبة، وكذلك المسجد النبوي حيث لا تنتهي صلاة إلا وتبدأ حلقات العلم هنا وهناك وحلقات التحفيظ، والتي شملت حتى المعتمرين والحجاج لتعليمهم كتاب الله -عز وجل- ومعهد الحرم الذي يدرس فيه طلاب من كل بلاد المسلمين، إضافة إلى المقرأة الإلكترونية التي سجل فيها (60 ألف) طالب من (208) دول، وبلغ عدد الزائرين لها (6 ملايين) زائر، وأما أئمة الحرمين الشريفين الذين اختيروا من الفائزين في المسابقات القرآنية الدولية والمتخصصين في القراءات من أجمل الأصوات وأتقنها واقتدى بهم أئمة المسلمين وعامتهم في شتى بقاع العالم، ولا يذهب الواحد منهم لزيارة المسلمين إلا ويستقبله مئات الآلاف بالدموع الحارة والمحبة الكبيرة، فضلاً عن عدد المراكز الإسلامية والمساجد والمدارس التي بناها آل سعود والسعوديون والمؤسسات الحكومية والأهلية السعودية في شتى أنحاء العالم، والتي لا يمكن حصرها ولا عدها، سبقت فيها بتوفيق الله تعالى جميع الدول العربية والإسلامية.
ماذا يقول هذا الرجل ألا يخشى أن تكون هذه الكلمة ممن قال عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم) أما كان الأولى به أن يشكر من أحسن إلى بيت الله الحرام ومسجده الآمن ومسجد رسوله -صلى الله عليه وسلم- كل هذا الإحسان ابتغاء وجه الله -عز وجل-، كما قال -صلى الله عليه وسلم- (من لا يشكر الناس لا يشكر الله ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير والتحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر والجماعة رحمة والفرقة عذاب)، نعم إن كلامه هذا من كفر النعمة والعياذ بالله، قال -صلى الله عليه وسلم- (من أولي معروفاً، فليذكره فمن ذكره فقد شكره ومن كتمه فقد كفره)، وفي رواية (من أعطى عطاء فوجد فليجز به فإن لم يجد فليثنِ فإن من أثنى فقد شكر ومن كتم فقد كفر)، وإذا علمنا أن الرجل يخطب ويكتب وهو في دولة الكيان الصهيوني إسرائيل، عرفنا أن الصهاينة الذين يحمونه يسرهم هذا الكلام الذي يمزق الأمة ويضعف من شأنها ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وإن ما يقوله هذا الرجل كذب مكشوف، والكذب من أقبح الذنوب قال -صلى الله عليه وسلم- (ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)، وكيف ممن يكذب على أمة ترى بعينها وتلمس بيدها وتسمع بأذنها الجهود الجليلة لآل سعود في خدمة الحرمين الشريفين.
لم أكن أشاء أن أرد على هذا الرجل، ولكني رددت حتى يعلم من يسمعون له من عامة الناس والذين تأثروا بكلامه، وأما طلبة العلم من حوله فأولى بهم أن يوقفوه عند حده حتى لا يتمادى في غيّه، قال -صلى الله عليه وسلم- (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا يا رسول الله تنصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً، قال تحجزه عن الظلم)، نسأل الله -عز وجل- أن يصلح أحوال المسلمين وأن يوفق آل سعود وولاة أمور المسلمين للمزيد من خدمة الإسلام والمسلمين عامة وخدمة الحرمين الشريفين خاصة.