إيمان حمود الشمري
بدايةً لنكن منصفين، نحن لا ننتظر من المشاهير موقفاً بطولياً كموقف الأطباء ورجال الأمن وغيرهم، وإنما كنا ننتظر على الأقل محتوى هادفاً حتى ولو كان بعيداً عن موضوع كورونا، فالبعض بالتأكيد حاول أن يقوم بدور توعوي مرتين إلى ثلاث على الأقل، ولكن لم يستطع أن يصمد أكثر بسبب تكرار نفسه، لأن صلاحية الطرح عنده تكون قد انتهت آنذاك! إذ لابد له من التنويع بالتقديم كي يحافظ على عدد مشاهداته واستمرار متابعيه، ولكن ما حدث في أزمة كورونا أسقط الكثير من الأقنعة للمشاهير عن أوجه زائفة لا تحمل أيّ مضمون، فعندما غابت الصورة والتغطيات والسفر والبذخ والاستعراض، لم يملك الكثير منهم مادة تصلح للتقديم، وذلك يكشف العمق السطحي لمخزون هؤلاء من الثقافة والوعي والاطلاع.
عندما أفلس هؤلاء المشاهير لم يستطيعوا أن يقاوموا هوسهم بالتصوير حتى وإن كان على حساب محتواهم فبدؤوا بالتجاوزات دون أدنى إحساس بالمسؤولية ظناً منهم أن شهرتهم تشفع لهم وتعفيهم من العقاب.
حين تطلق إحداهن نصيحة لعلاج وباء كورونا بماء الفضة مستخفة بعقول الناس، وتفتح لغيرها المجال بالتصريح بجرأة عن قدرتها لعلاج هذا الوباء مقابل إيداع مليار في حسابها الشخصي لتنقذ البشرية! ولكن من ينقذ البشرية من هذه النماذج؟
حين تنشر إحداهن مشاهد من صور الزفاف في عز أزمة وباء كورونا وتتباهى بمجوهراتها وشبكتها التي تقدر بالملايين دون أدنى احترام لمشاعر الناس المحتقنة تجاه هذا الوباء الذي يهدد حياتهم وحياة أسرهم وأمنهم الاقتصادي.
حين تستغل الأخرى أزمة كورونا بالمتاجرة بمعاناة ابنها المشتبه فيه بالوباء وذلك بتصويره أثناء الفحص ومتابعة مشاهد العزل إلى غير ذلك من المشاهد المؤلمة التي حرصت فيها على مسك هاتفها المحمول للتصوير بدلاً من أن تمسك يد ابنها لمواساته والتخفيف عنه، أي أمومة تلك التي جعلتها تتاجر بمعاناة ابنها وتستثمر بمرضه لعمل سبق ومشاهد حصرية لها دون أيّ حس إنساني ولا حتى عاطفي كونها مبتلاة بفلذة كبدها.
حين يستدعي أحدهم حلاقاً في البيت ضارباً بكل تعليمات الدولة عرض الحائط كونه مخالط وقد ينشر الوباء دون أدنى حس بالمسؤولية بالتعليمات والجهود والاستماتة التي تبذلها الدولة للحفاظ على سلامة الجميع.
الحديث يطول ولا يقصر، والمشاهد كثيرة ومساحة الكتابة لا تفي بما يعتلجه الصدر من ألم، إن لم يكن لنا موقف حازم تجاه هؤلاء بالنقد وكشف حقيقتهم وتعريتهم التي هم أول من ساهم فيها أمام الملأ فلا يحق لنا أن نتأسف على الجيل الجديد الذي جعلوه أداة في يدهم لأننا سكتنا عن الحق فظن أهل الجهل أنهم على حق.