عمر إبراهيم الرشيد
ما زلت أتذكر مادة اللغة العربية في الدراسة الجامعية وفي إحدى المراحل منها، حيث كانت طريقة المحاضر في ذلك الوقت وحتى في هذا الوقت غير منتشرة أو مستساغة في المرحلة الجامعية تحديداً، فقد كان يكلفنا بالقراءة الجهرية من كتاب في اللغة وعند أي خطأ لغوي يقوم بالتصحيح للطالب. ومعلوم أن مثل هذه الطريقة لها عدة فوائد وتأثيرات إيجابية، فالقراءة الجهرية وأمام الطلبة تمرين لغوي تطبيقي، وهي تدريب على الإلقاء، ولا أنسى طلب الدكتور (خالد العجيمي متعه الله بالصحة والعافية) من الطلاب رفع أصواتهم أو أن تكون طبقة الصوت مع القراءة مسموعة واضحة للحضور، وفي هذه المهارة أيضاً تدريب إعلامي مبكر. أعود إلى عنوان المقال وسبب كتابتي لمقالي هذا، وهو ما صرحت به أستاذ كرسي اللغة العربية في جامعة زايد قبل أيام، الدكتورة هنادا طه، حيث تمنت إلغاء تدريس قواعد اللغة العربية بالطريقة الحالية والتركيز على القراءة بحد ذاتها وتكثيفها لأنها كفيلة بتقويم اللغة العربية لدى الطلبة. ومما قالته كذلك بأننا لن نستخدم تلك القواعد في حياتنا العامة أو نلجأ لها لإجادة لغتنا العربية بطريقة صحيحة وسليمة من التكسير والاعوجاج. وبالطبع لابد من الاختلاف في وجهات النظر فمن مؤيد ومن مخالف إلى حد ما ولعلنا نشهد تحولاً قريباً في هذا المجال الحيوي والحضاري حتماً.
حقيقة ومن تجربة شخصية أتفق مع ما ذهبت إليه الدكتورة هنادا، وبالمناسبة فقد سبقها الشيخ والأديب الراحل علي الطنطاوي رحمه الله تعالى في هذه الدعوى، ولاغرابة في ذلك لأنه وأمثاله احتضنوا الكتاب في طفولتهم فصارت اللغة سليمة بالسليقة كما تقول الدكتورة هنادا وقاله الشيخ والأديب العلم علي الطنطاوي. وهذا حقيقة ما حصل معي رغم استفادتي نسبياً من دراسة القواعد، إلا أني مدين لإجادتي (المطلوبة) للغة، لقراءتي الحرة منذ المرحلة المتوسطة.
وقد كتبت من قبل هنا عن هذا الموضوع، وقلت إن اللغة يمكن تدريسها و(التدريب) عليها بأكثر من وسيلة غير تقليدية وغير تلقين القواعد النحوية والبلاغية، وهي توظيف المسرح المدرسي والجامعي، فتكون الاستفادة متعددة الجوانب شاملة، فمن ذلك ممارسة اللغة العربية في مسرحيات من عيون الأدب العربي، ومنه التدريب على الأداء الدرامي وخلق بنية تحتية للإنتاج الدرامي الحقيقي والهادف، عدا عن فن الإلقاء والحديث المفتوح وغير ذلك من الفوائد العظيمة لخلق بيئة تعليمية منتجة وأجواء تساعد على الإبداع والابتكار. اللغة العربية ملكة اللغات مهما (تصنع الرطن) أشباه الإعلاميين والإعلاميات من مذيعي ومذيعات (الغفلة) التي يضج بهم فضاؤنا المسموع والمشاهد والإلكتروني. وهي باقية ما بقي كتابها الخالد، وإن كنا واقعين تحت تأثير حضاري وعلمي وصناعي غربي أو شرقي وهذا واقع لا ينكر، إلا أن أول علامات احترام الهوية والاعتزاز بها هي احترام اللغة. لا بأس من الرجوع إلى قاعدة لغوية لتثبيت اللغة، إنما لابد من القراءة الحرة كي نتشرب اللغة العربية بتؤدة ودون حشو، ونتذوق جمالياتها ونستشعر فخامتها، متعكم الله بالصحة والعافية.