د. محمد عبدالله الخازم
أعلم بأنه يصعب إصلاح السقف وقت سقوط المطر، كما أعلم أنه لا يمكن عد الرصاص وقت الحرب. نحن في حالة حرب ضد الوباء الذي هجم العالم، ولا بد من تقديم بديل تعليمي وفق ما هو متاح، وفي الأزمة قد لا يراه البعض مناسبًا توجيه اللوم أو التطرق للأفكار الإصلاحية. ورغم ذلك أستأذن بإعادة بعض ما كتبته في موضوع التعليم عن بُعد، ومطالبتي حينها بتأسيس شركة لتقنيات التعليم. تحديدًا أقتبس من كتابي «جامعة 2030» الذي نُشر عام 2018م، وطرحت فيه رؤية نحو تطوير جامعاتنا للمستقبل.
يتوقَّع مثلاً أن يسهم الاستخدام المتتابع لتقنيات التعليم، خاصة على مستوى المناهج والتدريس عن بُعد، في حزمة من التغيرات، ليس على مستوى قاعة الدرس، بل على مفهوم وآليات التعليم الجامعي. وباختصار يمكن القول إن التقنية ستساعد على أمرين مهمين في مجال التعليم الجامعي، أولهما: بناء النموذج التعليمي وفق الاحتياجات والقدرات الفردية للمتعلم، وثانيهما: تعزيز مفهوم ديمقراطية التعلُّم عبر تفكيك سلطة المدرس التسلطية. ويتوقع - على سبيل المثال - حدوث الآتي:
- اختلاف طول مدة الدراسة؛ فبدلاً من دراسة المقرر في فصل بدايته ونهايته محددة قد تسهم التقنية في تقديم المادة الدراسية وفق قدرات وإمكانات الطالب؛ بفضل توافرها إلكترونيًّا (أون لاين)، مع مرونة الوفاء بمتطلباتها.
- قد تتغير متطلبات الساعات أو المواد المعتمدة عطفًا على آلية تقديمها في العالم الافتراضي.
- سيكون هناك توجُّه للبرامج متعددة أو متداخلة التخصصات.
- فرض مزيد من التعاون بين الجامعات؛ لكي لا تكرر نفسها في العالم الافتراضي، وتتشارك في تقديم مواد أو برامج معينة. وسترتفع قدرة الطلاب قادرين على المزج بين تعلُّم مواد في أكثر من جامعة أو مؤسسة تعليمية للوفاء بالمتطلبات.
- سيمتلك الطلاب القدرة على تخصيص أو تحسين درجاتهم الخاصة.
- بناء شراكات أكبر بين الجامعات ومؤسسات العمل بغرض منح الشهادات أو المواد عالية التخصص وفق احتياج المؤسسات لمنسوبيها، وذلك عبر دمج التعليم مع التطبيق الميداني، أو تقديم التعليم في مواقع العمل مثلاً.
- اختفاء الورق وتقديم الكتاب على شكل وسائط، أو مدعم بوسائط تقديم تفاعلية حديثة، تشمل الصورة والصوت والرسم.
- احتمال الاستغناء عن المحاضر في قاعة الدرس بشكل كامل، وكذلك عن حضور الطالب.
- عدم تمكُّن عضو هيئة التدريس من التحكم في كيفية تسيير المحاضرة والحضور والانصراف ومواعيد المنهج وإدارة الحوار... إلخ. وستتاح للطالب خيارات متعددة هنا عبر التطبيقات التقنية المتعددة.
- انخفاض تكاليف التعليم الجامعي.
- تقديم مزيد من التعليم المجاني والتعليم مدى الحياة.
لقد أسست وزارة التعليم على مستوى التعليم العام شركة تقنيات التعليم إلا أننا نفتقد ذلك على مستوى الجامعات؛ لذا أرى أن أفضل نصيحة أو اقتراح نقدمه هنا للجامعات على مستوى المملكة، أو لكل مجموعة جامعات على مستوى المنطقة أو الإقليم، أن يتعاون جميعها على تأسيس شركة تسهم في جلب التقنيات التعليمية الحديثة وتطويرها، والمشاركة في الإنتاج المعرفي تقنيًّا.
ولمزيد من التفصيل والأفكار في هذا الموضوع يمكن العودة لكتابي «جامعة 2030».