د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
يمثِّل منع التجوُّل حاجز وقاية فعَّالاً، ومخرجًا آمنًا لكثير من الإجراءات القائمة والمعلقة في زمن [الكورونا]، وهو تضمين نفسي، يطرح كثيرًا من الأسئلة والاستفسارات التي يحتمها واقع الناس، كما يملك حظر التجول بمفهومه الاحترازي التنظيمي الإجابة عنها من خلال ذلك الواقع! وترتفع قيمة الوعي المجتمعي في مقاييس منع التجوُّل من خلال الانضباط المجتمعي، وكلاهما من المكتسبات الوطنية في السلوك والآداب العامة. وقد اكتسب منع التجوُّل صفة رسمية عالمية في زمن الكورونا المؤلم، وفي هذه الأزمنة والغيمة القاتمة المنكفئة التي نسأل الله اعتدالها، وأن لا تطول! وتبقى كفاءة القرارات التشريعية ولغة الخطاب التنظيمي ذات دلالات متينة، لا تقبل الخروقات؛ إذ إن تطبيق منع التجوُّل صار واقعًا مقنعًا، يعقد صلته مع جُل وظائف الحياة الحيوية؛ فضخ المعرفة من منابعها المباشرة معلق في جُل دول العالم، وإن علت البدائل التواصلية، والفعاليات الرياضية والتتويج بكؤوسها قابعة تنتظر! والمجال الجوي يخلو من الطائرات ذات المحتوى الحي، والسفر أصبح من حكايا العام الماضي، والبضائع التي يشتاق إليها الناس للرفاهية والإتمام أصبحت في منأى عن التفكير، خاصة غير الأساسية منها، والتباعد الاجتماعي المباشر بلغ الذروة، واشتاقت دور العبادة لمرتاديها من المصلين، والشوق بين الأذان والإقامة بدا وجلاً من الكورونا المؤلمة!!
[وتبقى فلسفة منع التجوُّل من أجل أن نعود ونستطيع!] إنها العبارة العميقة التي أعاد إنتاجها فيروس كورونا!!
والزمن هو الآخر معلق بمنع التجوُّل متى سينتهي؟ وما هو الوقت المتاح للقوى الداعمة التي يجب ركوبها لتجاوز المحنة؟ هل هو زمن محدد للقضاء على الفيروس بأمر الله!؟ أم إنه الاطمئنان إلى تدني خطره، أو مغادرته النهائية عن حياة الناس بتوفيق الله وإرادته جل وعلا؟ ومع ما نعلمه وفق ما يرد من الأقوال بأن فيروس الكورونا سريع التفشي إلا أن زمن الكورونا صار تداولاً معلوماتيًّا متفشيًا أيضًا، يتلقفه الناس، ويشرحون أوصاله وإن لم توكل لهم مهمة الحديث الرسمية، وإن لم يكونوا من متخصصي علم الفيروسات؛ فأولئك قد يمضون زمنًا لتصنيع اللقاحات، ويحتاج كل لقاح كي يجرب على حيوانات التجارب إلى عدة من أيام أُخر لتجريبه على البشر، والتأكد من فاعليته؛ ليتم اعتماده وتعميمه عالميًّا، بمعنى أن الزمن سوف يحمل مسؤولية وسيرورة حركة وانتشار الفيروس حتى يأذن الله بأفوله. وهنا حيث بلادنا المملكة العربية السعودية جزء مكين من العالم في عليائه، وباب من غير رتاج للآمنين، ومدن فاخرة دائمًا ومزروعة بالدهشة، وحبلى بباقات الورد، وقلب يتطلع لفجر جديد معافى، ومرافئ آمنة، وقصص مكافحة.. الكورونا في بلادنا فيض واندماج وطني، أسفرت عنه نماذج يتحدث بها العالم من الضبط الاجتماعي غير المسبوق من أجل الوقاية المجتمعية المشهودة بإذن الله!
وهنا في بلادنا توهجت فضاءاتنا الرقمية باجتماع زعماء دول مجموعة العشرين، يرأسهم خادم الحرمين الشريفين. ذلك الحضور الاستثنائي الذي انصبت أهدافه نحو مكافحة عالمية لوباء الكورونا الذي غزا العالم منذ مطلع هذا العام 2020، وكانت قمة افتراضية ناجحة، وهمة ذات أبعاد إنسانية.. وتبقى بلادنا وقيادتنا ناضرة في مساحات الأفئدة في بلادنا والعالم وغايتها نحو عمران عالمي جديد، وصحة مستدامة بوح الشوارع [إلى شارع كان منزلنا ذات يوم يُطلُّ عليه؛ فيأتلق الشوق في شفتيه، ويحترق الدمع في ناظريه، نعود إليه، نعود إليه] غازي القصيبي.