الظواهر الإنسانية، ظواهر مركبة معقدة الدراسة ومن ثم التفسير والوصف، ما جعل من تفسيرها في أدبيات الأمم ذات منهجيات بحثية، ومداخل علمية في علاقة طردية مع تطور المجتمعات، منذ أول النماذج التي سعت إلى دراسة السلوك الإنساني عبر النموذج الخطي: المثير والاستجابة، الأمر الذي جعل الظواهر الإنسانية في المجتمعات ما بعد الصناعية كتلة كوكبية، فرض على تأمل ظاهرة اجتماعية ما، أن تتأمل سكان الكوكب مجتمعين في ذرة واحدة! ما نقل التجارب الفيزيائية الحقيقة لكسر نواة الذرة - مثلاً - إلى مشابهة لها في العلوم الإنسانية الأخرى، فلتفكيك وتشريح تكوين سلوك أو موقف اجتماعي أو فكرة ثقافية، لا بد لها من تفتيت كوكبية الفرد لدراسة ذا السلوك، أو تلك الفكرة.
وأمام المشهد الذي يعيشه العالم مع تفشي وباء كورونا، فقد كان من الطبيعي أن يلفت الانتباه إلى أدبيات الأوبئة، وأدبيات العزلة، وما كتب خلالها وعنها، وما أنتج حولها من فلميات مختلفة، التي بدأت بأدب الخيال العلمي وصولاً إلى الروبوت، وفلسفة الذكاء الاصطناعي، التي أفادت كثيرًا من هذه النظرية!
ما أعادني في هذه العجالة إلى ما يمكن لأدبيات اجتماعية وإعلامية واتصالية بحثه، ويفترض توقعه، ليمكن وصفه، ما تفترضه نظرية «الفوضى»، وتصورها لعلم اللا متوقع، بوصفها نظرية «شمولية» ممتدة الجذور في مختلف العلوم، لذا فهي تبتدئ من الحدود التي يتوقف عندها العلم (التقليدي) عاجزًا!
وبما يعج به المشهد العالمي من حروب وصراعات ونزاعات، وتدافع حضاري منه المسلح، ومنه البارد، ومنه ناعم..! يجعل من مشاهد صورته وديناميكية حركيتها، كأشد ما يمكن تخيبه لصورة الفوضى اللا متناهية التوقع! إلا أن النظرية في تفسيرها لمشهد الفوضى، وببساطة.. تذهب إلى أعمق ما يمكن افتراضه في الصورة «المضمرة» من الأنظمة الخفية التي تعيد ترتيب مشهد الفوضى إلى حركة نظام، بدت مشاهده واضحة في انتظام دول العالم اليوم في مكافحة وباء كورونا!
* لكل أزمة خطاب.. يعلي من شأن أمة.. ويضع أخرى!
** **
- محمد المرزوقي