ميسون أبو بكر
عزلة البشر أقل وطأة من عزلة المدن، تلك التي ما عرفتها البشرية إلا مرات قليلة جداً، عاش أجدادنا ليرووها لنا، كما وذكرتنا بها صفحات مظلمة من التاريخ، واليوم وضعنا مع كورونا يضعنا مع الحدث الذي لا يشبهه شيء، مدن تقطعت أوصالها، وبلاد أقفلت حدودها، وبيوت ضجت بساكنيها الذين لا يكادون يغادرونها إلا ما قلَّ من المرات الذين يخرجون فيها لطارئ ما.
المدن التي كانت تضج بالحياة هي صامتة اليوم، لا أنوار تتراقص في باحات ليلها ولا أنفاس تتهدج في نهاراتها، القليل من العابرين إليها الراحلين منها، مدن خاوية عن بكرة أبيها، بعد أن كان الليل متنفساً لساكنيها أصبح معلقاً على سماء داكنة تلوح للبشر من بعيد دون أن تُفتح نوافذهم لأقماره ونجومه.
حالة استنفار تام، منع تجول في معظم دول العالم، والدول العظيمة عاملت مواطنيها بما يليق بها.
انقلبت موازين العالم وقناعات الشعوب، فتلك التي كانت تتبنى حقوق الإنسان وتفتح حدودها للغرباء أحياناً بسبب أجنداتها السياسية؛ فشلت أن توفر للكثير من المصابين من مواطنيها أسرَّة وعلاجاً ورعاية صحية ومواد تموينية.
فعدت بذاكرتي لأفكاري وقناعاتي التي كنت دونتها في مقالين نشر آخرهما هنا في أغسطس 2019 بعنوان»الحياة في دول العالم الأول» وقد كانت أزمة الكورونا هي الامتحان الحقيقي لإعادة تصنيف الدول.
حرص سيدي خادم الحرمين الشريفين على علاج كافة المصابين في المملكة من مواطنين ومقيمين وشمل قراره المخالفين أيضاً لنظام الإقامة هو مثال حي لنظام وتوجه المملكة الإنساني الذي يحتكم لشريعتنا الإسلامية ويدلِّل على أن المملكة تفوَّقت بنهجها على جل منظمات حقوق الإنسان في العالم.
الجهود التي تبذل من كل الجهات؛ وزارة الداخلية بكل أقسامها ووزارة الصحة بطاقمها وجهودها الدؤوبة، كذلك وزارة التجارة التي تعمل بشكل مكثَّف هي جهود مقدَّرة بالإضافة إلى جهود وزارة الشؤون البلدية والقروية التي أعلن معالي الوزير المكلَّف ماجد الحقيل عن مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى حماية أرواح المواطنين والمقيمين من خطر انتشار الفيروس، حيث باشر على تنفيذ تلك الإجراءات، التي شملت استمرار الأعمال الرقابية والنظافة والإصلاح البيئي خلال فترة حظر التجوال في كافة الأمانات.
وما على المواطن والمقيم في المملكة إلا أن يلتزم بالإقامة المنزلية لأجل أن تكلّل كل الجهود بالنجاح والخروج من أزمة انتشار المرض كما حدث في دول أخرى.
الفيديو الذي انتشر لمقيم أمريكي في المملكة يرفض العودة لبلاده لأنه يعتبر مكوثه في المملكة أكثر أمنًا نظرًا لكل ما تقوم به حكومة المملكة من إجراءات وقائية وعلاجية يدلِّل بحمد الله على ما سبق أن أشرت له.
حفظ الله مملكتنا التي تمتثل كل مؤسساتها ورجالها المسؤولين المخلصين لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين لتكون نموذجًا عالميًا يفتخر به مواطنوها.