د. عبدالرحمن الشلاش
أي أزمة أو كارثة يمرُّ بها البشر لا بد أن تترك آثارًا وبصمات ودروسًا مستفادة. الوباء -كفانا الله شره- والأمراض والزلازل والأعاصير آثارها دائمًا عميقة، وخسائرها فادحة، خاصة إذا كانت خسائر بشرية. الخسائر المادية تعوَّض. وبالرغم من فداحة الأضرار التي أحدثها فيروس كورونا حول العالم إلا أنه سيترك بعد رحيله كثيرًا من الدروس.
في السعودية -بحمد الله- الأضرار قليلة حتى الآن قياسًا بالمعدلات العالمية. وبتوفيق الله، ثم جهود الدولة، طُبِّقت الإجراءات الاحترازية كافة، منها منع التجول. أثناء منع التجول تقيم جميع الأسر في البيوت، بل إن معظم الناس يفرضون على أنفسهم حجرًا منزليًّا دائمًا، ولا يخرجون إلا للضرورة القصوى. لكن السؤال المطروح: أثناء الحجر الطويل هل يضيع الوقت في أمور تافهة، في نوم طويل، وأكل وشرب وتصفح طوال الوقت لمواقع التواصل؟ أعتقد أن هذه الفترة فرصة ثمينة جدًّا للتقارب العائلي، والجلوس مع الأبناء، وحثهم على الاستفادة من أوقاتهم في المذاكرة والقراءة. كيف ننفِّذ برامج مفيدة؟ تدريب الأبناء على السلوكيات الجيدة، عودة الجلسات العائلية.. هل نحول الفراغ إلى فرصة حقيقية لإعادة ترتيب أمور كثيرة، بعثرتها طريقة حياتنا قبل كورونا؟ قد تقضي وقتك في كتابة أو قراءة أو إنجاز بحث.. أعتقد أن كل الخيارات مطروحة لإعادة ترتيب الحياة، بما يجعلها أكثر فائدة، خاصة في استثمار الوقت بما يعود بالنفع.
التفكير: كيف نعيد الانضباط لحياتنا الاجتماعية بدلاً من الفوضى العارمة، إهدار الوقت وكأنه لا شيء في أمور تافهة، وكثرة الغياب عن الأعمال والدراسة في تسيُّب لا مثيل له، وإهدار الأموال في شكليات؟! أي إننا بحاجة لإعادة صياغة طريقة تفكيرنا؛ لنتغلب على كثير من سلبياتنا.
من الأمثلة: كيف أصرف أموالي في احتياجاتي الضرورية جدًّا. من الأمثلة: قضاء الوقت لإنجاز المهام الضرورية والعاجلة، بمعنى أننا نضع جميع مقدراتنا في مواضعها الصحيحة! لا نبدد الوقت الثمين، ونقضيه في جلسات لا فائدة منها.
تعلمنا من كورونا الكثير، وقد نتعلم أكثر؛ لنعالج سلبيات متراكمة على مَرّ الأيام؛ ليكون السلام نظرًا، والبُعد عن الازدحامات والعناية بالنظافة وأشياء أخرى تعلمناها من كورونا؛ لتستمر معنا.. تعلمنا أن لا نجامل على حساب صحتنا، وأن نقول لا لبعض التصرفات السلبية.. وهذه مكتسبات إيجابية، يجب أن تبقى، ولا ترحل مع كورونا!