نمر بأزمة عالمية لها نتائج سلبية وإيجابية كبيرة على جميع الأنشطة في القطاع العام والخاص، وهنا أريد أن أتحدث عن مدى تأثير هذه الأزمة على العقود بجميع أنواعها وعقود القطاع الخاص بالضرورة، وسيكون الحديث لماحا وسريعا نظرا لغزارة المعلومات والأبحاث في هذا الموضوع وضيق المساحة.
تم تداول مجموعة نظريات وتكييفات متعلقة بانعكاس الأزمة على أطراف العقد سواء تلك العمالية أوالعقارية، ولعلنا نتحدث هنا عن الفرق بين نظرية الظروف غير الاعتيادية التي لا يلتزم بها أطراف العقد ولا تؤثر على التزاماتهم ويتحمل كل منهم ما التزم به.
وهذه النظرية تختلف كليا عن نظرية الظروف الطارئة التي قد يتأثر بها أطراف العقد «كل عقد» وبالتالي يتم التنازل أو إعفاء أطراف العقد من التزاماتهم الجوهرية بسبب أن تنفيذ العقد أصبح مستحيلا على أحد أطرافه وتتم الموازنة بينهما «قضاء» وتحقيق مبدأ العدالة الذي سبقت به الشريعة الإسلامية قبل غيرها من التشريعات.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل ما نمر به يندرج تحت نظرية الظروف الطارئة أم الظروف غير الاعتيادية؟
باعتقادي وهذا رأي «غير ملزم استنادا» أن ما يحدد ذلك هو طبيعة كل نشاط، فعلى سبيل المثال لا الحصر تأثرت بعض الأنشطة الطبية التي لا تقدم خدمات الطوارئ وتم إغلاق بعض المراكز لكونها انقطعت إيراداتها تماما بسبب إيقاف العمل.
وبعض الأنشطة على النقيض تماما فقد ارتفعت إيراداتها بشكل كبير ما أجبرها على رفع مستوى التوظيف لتحقيق الجاهزية التي تتلاءم مع ظروف المرحلة، وتمييز الفارق بين النشاطين في اعتقادي أنه يخضع لقواعد الإثبات إذا أراد أطراف العقد الفصل قضاء فيما بينهم بحيث يقدم كل طرف ما يثبت تضرره بسبب هذه الظروف وللمحكمة السلطة التقديرية في تحديد الظرف الذي تمر به المنشأة أوصاحب العمل أو المؤجر هل هي من قبل الظروف غير الاعتيادية أم أنها ظروف طارئة وتحكم بموجبه فليس من المعقول أن يتم إعلان حالة عامة وإلزام جميع الأنشطة بها، فهناك من أغلق نشاطه بسبب الأزمة، وهناك من زاد الطاقة الاستيعابية لمنشآته للتماشي مع الطلب كما ذكرنا سلفا، ولا ننسى أن نشير لما اتفق عليه أساسا بين المتعاقدين، فبعض العقود أشارت إلى نظرية الظروف الطارئة وحددتها بانقطاع جانب من جوانب الأعمال الفنية للعقد، وهذا بطبيعة الحال سيسهل على المحكمة سرعة الفصل في القضية وعلى المتداعيين سهولة الإثبات!
أخيرًا لا ننسى ما بذلته الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين- أيده الله- وسمو ولي العهد -حفظه الله- في تخفيف أثر الجائحة على الأنشطة بالداخل وحتى الخارج ونصيحتي أن تعامل المرحلة بروح القانون وليس بالقانون نفسه بحيث يتنازل كل طرف من أطراف العقد بما لا يضره ولو وصل بهم الحال إلى تحمل بعض الأعباء المعقولة ومراعاة ظروف المرحلة حتى نعبرها سويا بحول الله.
** **
خليل الذيابي - محام وكاتب سعودي