محمد سليمان العنقري
مع تداعيات وباء كورونا، والإجراءات الاحترازية التي اتُّخذت للحد من تفشي الوباء، فإن الضرر الاقتصادي أمرٌ متوقَّع؛ لذلك اتخذت المملكة إجراءات لدعم قطاع الأعمال، من بينها ما صدر عن مؤسسة النقد العربي السعودي من مبادرات بقيمة تصل إلى 50 مليار ريال، لكن اللافت فيها شموليتها لكل الاحتمالات السلبية التي قد تواجه قطاع الأعمال عمومًا، وخصوصًا المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكذلك العاملون بالقطاع الخاص ممن قد يتأثرون إما بتراجع دخلهم، أو بفقدانهم وظائفهم؛ وذلك من باب الدور المنوط بالمؤسسة بوصفها إحدى الجهات الفاعلة والمعنية بحماية الاقتصاد الوطني.
فالمبادرات المقدَّمة عديدة، وتشمل جوانب مختلفة من إعفاءات للرسوم على معاملات وخدمات، إلى جانب إعادة تقييم الفوائد على المنتجات التمويلية بعد خفض أسعار الفائدة قبل أيام عدة لمستوى 1 %؛ وهو ما يعني تخفيض التكاليف على العملاء من منشآت وأفراد بعد إعادة تقييم الفوائد؛ وهو ما سيخفِّض مصاريف والتزامات المستفيدين من هذه التمويلات ممن تضرروا من تداعيات الإجراءات الضرورية لمكافحة انتشار الوباء التي شملت قطاعات عديدة، من بينها السياحة والسفر والطاقة والنقل والمنشآت العاملة في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمنشآت متناهية الصغر، وغيرها مما هو مذكور في بيان المؤسسة المنشور على موقعها الإلكتروني. وقد شملت الإجراءات ضمانات للقروض، وإعفاءات لرسوم عديدة، ودعمًا لتمويل المنشآت التي ستواجه نقصًا بالسيولة لدعم رأس مالها العامل، وأيضًا لكي تحافظ على موظفيها، وتمتلك القدرة على سداد التزاماتها من خلال إجراءات عدة، على رأسها تقديم تمويل لهذه المنشآت لمدة ستة أشهر لمساعدتها على الوفاء بالتزاماتها، وحفاظها على موظفيها حتى تعود للنشاط من جديد بعد زوال خطر هذا الوباء الذي شل الاقتصاد العالمي.
لكن ما قد يهم الأفراد الذين فقدوا وظائفهم، أو تأثروا بأي شكل من الأشكال، هو إعفاؤهم من سداد الأقساط المترتبة عليهم لقروضهم وأي منتجات تمويلية لمدة ستة أشهر دون تحمُّل أي رسوم أو فوائد إضافية؛ وهو ما يعد خطوة مهمة، تمنح الأفراد المستهدفين الفرصة الكافية لالتقاط الأنفاس، وإعادة ترتيب أوراقهم، وأيضًا تساعدهم على مواجهة التزاماتهم خلال هذه الفترة ممن فقدوا وظائفهم، وانتفعوا بقروض، وعليهم التزامات ثابتة لها. وبعيدًا عن الخوض في شرح المبادرات فإن التعليمات - بحسب ما أُعلن من المؤسسة - وصلت للجهات التمويلية (البنوك ومؤسسات التمويل)؛ وبالتالي فكل فرد أو منشأة ممن شملتهم المبادرة يُفترض أن يبدأ التواصل بينهم وبين الجهة الممولة؛ ليستفيدوا من هذه المبادرات.
المبادرات منشورة على موقع مؤسسة النقد، ويمكن للجميع الاطلاع عليها؛ إذ تحتوي على تفصيل شامل لكل الإجراءات التي تم توجيه البنوك بتطبيقها، التي ستمثل -إن شاء الله- مساهمة مهمة لدعم الاقتصاد الوطني مع المبادرات التي أعلنتها وزارة المالية، التي يصل حجمها إلى 70 مليار ريال. فالمستهدفون بهذه المبادرات يمثلون حجمًا كبيرًا من الاقتصاد بأكثر من 500 ألف منشأة، توظف أعدادًا كبيرة من العاملين بالقطاع الخاص؛ وذلك للحفاظ عليها، وتمكينها من تجاوز هذه الأزمة، والعودة للنشاط من جديد -بإذن الله-.