سمر المقرن
عن ماذا أكتب؟ تتزاحم في رأسي الأفكار، بينما قلبي مطمئناً منذ بداية أزمة كورونا وأنا أرى الإجراءات الاحترازية في وطني لتثبت لكل العالم أن «الإنسان» أولاً، وأن حقوق الإنسان ممارسات وليست شعارات. ولا أخفيكم أن خروج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- وحديثه الصادق لنا عن هذه الأزمة كان له بالغ الأثر فقد أثلج صدورنا وسط موجة القلق من وباء يطاردنا.
مع هذا كلّه، ووسط اطمئناني بالتزام أهل بلدي بالحجر والعزل المنزلي خرجت إلينا بادرة طيبة لفتت نظري عن إطلاق الأكاديمية السعودية لمبادرة المسعف النفسي للأشخاص في الحجر والعزل المنزلي بالشراكة مع مركز الابتكار في جامعة الملك عبدالعزيز، لتقديم جلسات الدعم والإرشاد النفسي للأشخاص المتواجدين لمواجهة القلق والخوف الذي نعيشه جميعاً في الوقت الراهن. فالإسعاف النفسي يعزز القدرة على مواجهة الأزمات النفسية مهما كانت ضراوتها، وشخصياً أدرك أن غياب الصحة النفسية المتماسكة يمكن أن يدمر الإنسان، وتحضرني قصة حقيقية عن هتلر الذي أراد أن يدمر 3 ضباط نفسياً فوضعهم في زنازين منفردة وأوهمهم أنه سيقتلهم بالغاز السام خلال ثلاث ساعات وبعد ساعتين فقط فتح الزنازين فوجد اثنين منهم قد ماتا والثالث أصيب بتشنجات، بينما كان هتلر يمارس حرباً نفسية معهم فالقطرة التي كانوا يسمعونها كانت قطرة ماء وليست غازاً ساماً -كما أوهمهم- لذا فالأثر النفسي يمكن أن يدمر الإنسان أكثر من الوباء أو المرض نفسه.
وبلا شك للعزل الذي لا خيار ولا بديل عنه، لنتجاوز المحنة آثاراً سلبية على الصحة النفسية، ليست من فكرة العزل بحد ذاته، بقدر ما هي من فكرة الوباء بشكل متكامل.
ونشرت منظمة الصحة العالمية إرشادات لتخطي الأزمات النفسية التي تنشأ من العزلة وافتقادك للخروج الذي كان يعزز الصحة النفسية، أهمها استغلال فترات عزلنا كفرصة للتواصل الأسري الذي افتقدناه في عصر العولمة، وفي ابتكار أشياء جديدة كتعلم لغة لا نعرفها، ومواصلة التحدث للآخرين عبر التواصل الاجتماعي، وأن يكون كل منّا داعماً لغيره، كما أنه فرصة للاسترخاء من عناء المسؤوليات والعمل، مع الابتعاد عن الحلقة المفرغة في النوم والأكل، ومراعاة عدم الجلوس باستمرار أمام شاشة التلفزيون. أيضاً من المهم كما أرى أن نتوقف عن متابعة الأخبار المحبطة عن كورونا حتى لا تصاب باليأس وتدمر مناعتك التي هي حائط الصد الأول ضد الوباء اللعين.
أنا مؤمنة جداً بقدرات وطني على صد وتحجيم هذا الوباء، المهم أن يتحمل كل منّا كامل المسؤولية، وعندها سيكون بإذن الله قطرة ماء وليس غازاً ساماً.