فوزية الجار الله
ياللأسى..!
كنت أعتقد بأن الأمراض المعدية قد أصبحت شيئًا من الماضي السحيق لن يعود أي منها بحال من الأحوال فعالمنا المتقدم سيكون له بالمرصاد، لقد بلغنا مرحلة عالية من التطور المعرفي والثقافي والتكنولوجي بحيث شمل ذلك كافة مجالات الحياة، لقد اخترعنا مصادر جديدة للطاقة، بلغنا حدًا عاليًا في التعامل مع خلايا الإنسان ومع ذرات العناصر العضوية والكيميائية بما يوازي القنبلة الذرية لكن من وجهها الآخر الإيجابي، ذلك الذي يسهم في بناء الحياة وليس هدمها وإنهاؤها، بلغنا مرحلة مهمة من التقدم إلى درجة صناعة الإنسان (الروبوت) رجلاً كان أو امرأة، حتى إنني ذهلت لرؤية امرأة جميلة لم تكن سوى (روبوتًا آليًا) تتحدث تمامًا مثل الإنسان وتجيب على كافة الأسئلة، حيث قالت بأنها تستطيع خدمة الإنسان في منزله في كل ما يريده عندها حدثتني نفسي المجنونة بأنني ربما أقتني واحدة مشابهة يومًا ما لو استطعت تحمل تكلفتها، رغم غيرة زوجتي المحتملة، لكنني استدركت حين سمعتها هي ذاتها تقول بأنها تحاكي خلق الإنسان تمامًا، لكن ينقصها الروح!.. قلت: لا.. لا.. وماذا سيكون مصيري معها؟!
روحٌ دافئة بيدي تغنيني عن عشرة أجساد أنثوية فوق الشجرة أو بين جدران بيتي.. لا فرق!
كنت أتابع الأخبار المتدفقة من كافة القنوات حول هذا الوباء الذي أدهش العالم من أقصاه إلى أقصاه بكافة شرائحه، ملأ الدنيا وشغل الناس، أيقظ قرائح الشعراء وأصبح متصدرًا لأبحاث الفلاسفة والعلماء، توقفت لأجله المدارس والجامعات وصروح العلم والمؤتمرات ودعت الحكومات الشعوب للاستكانة في بيوتهم إن كانوا يرغبون الحياة، لا لذواتهم فحسب، بل من كان منهم زاهدًا في الحياة فهو ملزم باحترام أرواح الآخرين..
صوت أنثوي يخترق عزلتي..
- لدينا عرض تمويل جديد، هو فرصة ذهبية لمن هو في وضعك المالي!
كنت لا أزال في وضع الاسترخاء، أتابع شاشة التلفاز وقد عمدت إلى خفض الصوت أملاً في بعض الهدوء!.. لم أعد أطيق مثل هذه العروض فأنا أعلم ماذا يكمن خلف هذه الكلمات الناعمة (يا بنكي العزيز لماذا تصر أن تقوم معي بدور اليهودي شيلوك في رواية - تاجر البندقية -)؟ لن أكون أبدًا «أنطونيو» فلست أضمن إطلاقًا محاميًا ذكيًا ينقذني، كانت مجرد حكاية اخترعها خيال (ويليام شكسبير) حاولت كتم غضبي إلى أقصى مدى وأنا أجيبها:
- شكرًا آنستي، لست في حاجة إلى أي مبالغ مالية، لست في حاجة إلى قروض!
قلتها وأنا أردد بيني وبين ذاتي وأنا أنهي المحادثة: ألا يكفي هذا الوباء الذي لا نعلم إلى ماذا سينتهي الأمر بيننا وبينه؟! رُحماكَ إلهي.