إنها «إستراتيجية مؤسسية حديثة تهدف إلى منع اعتلال الصحة في بيئاتنا خاصة الصحية (بما في ذلك الأمراض المرتبطة بالعمل والحوادث والإصابات والأمراض المهنية والإجهاد)، في ظل متغيرات عالمية كأي وباء جائحي مثل «كوفيد19»، وتطوير إمكانات تعزيز الصحة والرفاه في الإنسان (ENWHP) عبر الجهود المشتركة لأصحاب العمل والموظفين والمجتمع، لإنشاء إدارة داعمة، نادى بها ابن الوطن الباحث في الإدارة الصحية ومدير إدارة تشغيل المستشفيات بصحة الرياض سابقاً، عبدالرحمن بن سليمان السويد قبل عقد ونيف في شوال 1427هـ - أكتوبر 2006م، تحت عنوان «مقترح لإنشاء وكالة مساعدة لتعزيز الصحة دون أعباء مالية مباشرة»، والتي لم تُفعل منذ نشأة وزارة الصحة عام 1348هـ، حتى صار اليوم أمرًا مُلحًا، وهدفًا رئيسيًا أصيلًا من أهداف الجهاز الصحي، لدوره التنظيمي الذي سيُلملم شتات الأنشطة والخدمات المبعثرة، والاستفادة من الطاقات والإمكانات غير المستغلة وتفعيلها، دون أية أعباء مالية مباشرة على الدولة، بل وله عائد من التكلفة ثابت علميًا.
وإذ لم يحظ مفهوم «تعزيز الصحة» بالبحث والدراسة الجادة من قبل المختصين في اقتصاديات الصحة إلا مؤخرًا، ليشيحوا عنه، لأنهم غير مدركين ما يتوجب عليهم تجاه هذا العلم المتخصص، علاوة على صعوبات تطبيق تقنيات التقييم الاقتصادي المعياري على برامجه، التي انتهجتها وزارة الصحة السعودية عبر مبادرة التمكين المجتمعي، وتمنح أفراد المجتمع دورًا قياديًّا لصياغة المشكلات الصحية التي يوجهونها داخل الأحياء، وتحديد الأولويات، واتخاذ القرارات، والعمل على تنفيذها جنبًا إلى جنب مع المراكز الصحية، تماشيًا مع مبادرات التحول الوطني لرؤية المملكة 2030.
وكالعادة وبسبب كورونا.. خرج البنك الدولي متأخرًا داعيًا العالم لتعزيز الرقابة الصحية، ومُحذرًا من أزمة عالمية، ستُحدثُ فجوةً هائلة بين البلدان الغنية والفقيرة، والتي بدت بوادرها مع ميلاد «كورونا المستجد»، لماذا؟! لأهمية الجانب التنظيمي، وبيان مدى أثر التعزيز الصحي الكبير في دعم سبل الوقاية للصحة العامة ونمط الحياة الصحي المجتمعي، ليكون على كاهل معالي الدكتور توفيق الربيعة، دراسة مقترح الباحث، خاصة مع ارتفاع حدوث، وانتشار أمراض العصر والأوبئة، التي لم يصاحبها برامج عمل مؤسساتية، مُخطط لها للتصدي لمخرجات مشكلات العصر التي تؤثر على الجانب الصحي، وسلوكيات المجتمع مثل الدعاة وأئمة المساجد والمؤسسات الدينية وربطها ببرامج تعزيز الصحة، والبحث عن السبل الأكثر جدوى للحد من الاعتماد على الخدمات الوقائية والعلاجية من خلال فاعلية الأداء وكفاءتها الإنتاجية المبادرات تعزيز الصحة.
لقد أردف السويد في ورقة عمل قدمتها «جانن هيل» بجامعة «قلامورقن» البريطانية في منتدى اقتصاديات الصحة تعزيز الصحة بعنوان: «ما هي الجهود التي ستسهم بها اقتصاديات الصحة في دعم مفهوم تعزيز الصحة؟!، التي يتوقع الخبراء ارتفاعًا في إنفاقها عالمياً، حتى عام 2021 بمعدل 4.1 % في الدول مرتفعة الدخل، ليتحمل الفقراء في البلدان النامية 90 % من عبء المرض في العالم، لنجد أن زيادة الإنفاق الصحي قد وصل في 2020 إلى 8.7 تريليون دولار في العالم. لتتخطاه أزمة كورونا 19، لتكشف زيف الأنظمة الصحية وعدم توفير المساواة في الإنفاق الصحي بين جميع الطبقات الاجتماعية.. على سبيل المثال سيكون لكل مواطن في الولايات المتحدة الأميركية 11.356 ألف دولار في عام 2021، في حين لن يتخطى 53 دولارًا سنويًا لكل مواطن في باكستان.
لذلك وضع أسسها السويد بتنظيم الأهداف الستة العامة للقطاع الصحي مرتبة حسب الأولوية هي تعزيز صحة الإنسان، الوقاية من المرض وتوفير الخدمات العلاجية وتوفير خدمات التأهيل وتوفير الخدمات الإسعافية والتعليم الصحي المستمر. وهو ما يتطلب إعادة هيكلة الإطار العام للجهاز الصحي، بما يتناسب مع مستجدات الوضع الراهن، والأخذ بمفهوم تعزيز الصحة إلى حيز التطبيق مما يدل على اهتمام الوزارة بصحة الإنسان وصيانتها، كما يسهم في خفض تكاليف الخدمات الوقائية والرعاية العلاجية والتأهيل والإسعافية، وبالتالي تعزيز جودة الحياة الصحية للإنسان الحصن الواقي من الأمراض والتأكيد شعار مؤتمر أوتاوا «الصحيح أولاً» أقول إن تعزيز الصحة خير من الوقاية التي وصلت تكاليفها عشرات التريليونات، كما تولت الرياض 5 مليارات دولار في قمة العشرين.